عَن الأصمعى عَن بعض العباسيين قَالَ كتب كُلْثُوم بن عَمْرو إِلَى رجلٍ فِي حَاجَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَطَالَ الله بَقَاءَك وَجعله يَمْتَد بك إِلَى رضوانه وجنته أما بعد فَإنَّك كنت رَوْضَة من رياض الْكَرم تبتهج النُّفُوس بهَا وتستريح الْقُلُوب إِلَيْهَا وَكُنَّا نعفيها من النجعة استتماماً لزهرتها وشفقةً على نضرتها وادخاراً لثمرتها حَتَّى مرت بهَا فِي سفرتنا هَذِه سنةٌ كَانَت قِطْعَة من سنى يُوسُف اشْتَدَّ علينا كلبها وأخلفتنا غيومها وكذبتنا بروقها وفقدنا صَالح الإخوان فِيهَا فانتجعتك وَأَنا بانتجاعى إياك شَدِيد الشَّفَقَة عَلَيْك مَعَ علمى بأنك نعم مَوضِع الزَّاد
وَاعْلَم أَن الْكَرِيم إِذا استحيا من إِعْطَاء الْقَلِيل وَلم يحضرهُ السكثير لم يعرف جوده وَلم تظهر همته وَإِنَّمَا أَقُول فِي ذَلِك
(ظلّ الْيَسَار على الْعَبَّاس مَمْدُود ... وَقَلبه أبدا بالبخل مَعْقُود)
(إِن الْكَرِيم ليخفى عَنْك عسرته ... حَتَّى ترَاهُ غَنِيا وَهُوَ مجهود)
(وللبخيل على أَمْوَاله عللٌ ... زرق الْعُيُون عَلَيْهَا أوجهٌ سود)
(إِذا تكرمت أَن تُعْطى الْقَلِيل وَلم ... تقدر على سعةٍ لم يظْهر الْجُود)
(بَث النوال وَلَا تمنعك قلته ... فَكل مَا سد فقرا فَهُوَ مَحْمُود)
قَالَ فشاطره مَاله حَتَّى بعث إِلَيْهِ بِقِيمَة نصف خَاتمه وفرد نَعله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute