وَبَلَغَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ رَأَيْتُ بِالْبَصْرَةِ فِي خَانِ عَطَاءِ بْنِ مُسْلِمٍ شَابًّا وَفِي يَدِهِ مُدْيَةٌ وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ
يَوْمُ الْفِرَاقُ مِنَ الْقِيَامَةِ أَطْوَلُ ... وَالْمَوْتُ مِنْ أَلَمِ التَّفَرُّقِ أَجْمَلُ
قَالُوا الرَّحِيلَ فَقُلْتُ لَسْتُ بِرَاحِلٍ ... لَكِنْ مُهْجَتِي الَّتِي تَتَرَّحَلُ
ثُمَّ بَقَرَ بَطْنَهُ بِالْمُدْيَةِ وَخَرَّ مَيِّتًا فَسَأَلْتُ عَنْهُ وَعَنْ أَمْرِهِ فَقِيلَ لِي إِنَّهُ كَانَ يَهْوَى فَتًى لِبَعْضِ الْمُلُوكِ وَحُجِبَ عَنْهُ يَوْمًا وَاحِدًا
وَحَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّامَغَانِيُّ قَالَ كَانَ بِبِلادِ فَارِسٍ صُوفِيٌّ كَبِيرٌ فَابْتُلِيَ بِحَدَثٍ فَلَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ أَنْ دَعَتْهُ إِلَى الْفُجُورِ فَرَاقَبَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ نَدِمَ عَلَى هَذِهِ الْهِمَّةِ وَكَانَ مَنْزِلُهُ عَلَى مَكَانٍ عَالٍ وَوَرَاءَ مَنْزِلِهِ بَحْرٌ مِنَ الْمَاءِ فَلَمَّا أَخَذَتْهُ النَّدَامَةُ صَعَدَ عَلَى السَّطْحِ وَرَمَى بِنَفْسِهِ إِلَى الْمَاءِ وَتَلا {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفسكُم} فَغَرَقَ فِي الْمَاءِ
وَذَكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ أَنَّ شِيرِينَ وُلِدَتْ بِالْمَدَائِنِ وَكَانَتْ يَتِيمَةً فِي مَنْزِلِ رَجُلٍ مِنَ الأَشْرَافِ فِي جِوَارِ هُرْمُزَ أَنُو شِرْاوَنَ وَكَانَ أَبْرَوِيزُ صَغِيرًا يَدْخُلُ مَنْزِلَ هَذَا الرَّجُلِ فَيُلاعِبُ شِيرِينَ وَيُمَازِحُهَا وَتُمَازِحُهُ فَأَخَذَتْ فِي قَلْبِهِ مَوْضِعًا فَنَهَاهَا الَّذِي هِيَ فِي مَنْزِلِهِ عَنِ التَّعَرُّضِ لأَبْرَوِيزَ ثُمَّ رَآهَا يَوْمًا قَدْ أَخَذَتْ مِنْ أَبْرَوِيزَ خَاتَمًا كَانَ فِي إِصْبَعِهِ فَقَالَ أَلَمْ آمُرُكِ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لِهَذَا الصَّبِيِّ لَا تُعَرَّضِينَا لِلْهَلَكَةِ ثُمَّ أَمَرَ بَعْضَ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنْ يَحْمِلَهَا إِلَى شاطيء الْفُرَات ويغرقها فحملها إِلَى شاطيء الْفُرَاتِ لِيُغْرِقَهَا فَقَالَتْ لَهُ مَا الَّذِي يَنْفَعُكَ مِنْ غَرَقِي فَقَالَ إِنِّي قَدْ حَلَفْتُ لِمَوْلايَ وَلا بُدَّ قَالَتْ فَمَا عَلَيْكَ إِلا أَنْ تَأْتِي بِي مَوْضِعًا مِنَ الْفُرَاتِ فِيهِ مَاءٌ رَقِيقٌ فَتَقْذِفَ بِي فِيهِ وَتَتْرُكَنِي وَتَمْضِي فَإِنْ نَجَوْتُ لَمْ أَظْهَرْ مَا دُمْتُ بَاقِيَةً وَإِنْ مِتُّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ قَالَ أَفْعَلُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute