للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا في السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: ٢٠٨ - ٢٠٩].

قال الإمام ابن كثير رحمه الله (١): «يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدِّقين برسوله: أنْ يأخذوا بجميع عُرَى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك». (٢)

قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله (٣): «هذا أمرٌ من الله تعالى للمؤمنين أنْ يدخلوا {في السِّلْمِ كَافَّةً} أي: في جميع شرائع الدِّين، ولا يتركوا منها شيئًا، وأن لا يكونوا مِمَّن اتَّخذ إلَهه هواه، إن وافق الأمرُ المشروعُ هواه فعلَه، وإن خالَفَه تركَه، بل الواجب أن يكون الهوى تبعًا للدِّين، وأن يفعل كلَّ ما يقْدِرُ عليه من أفعال الخير، وما يعجز عنه يلتَزِمُه وينوِيه، فيُدرِكُه بنيَّتِه. ولما كان الدُّخول في السِّلم كافَّةً لا يُمكِنُ ولا يُتصوَّر إلا بمخالفة طُرُق الشَّيطان قال: {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} أي: في العمل بمعاصي الله {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} والعدوُّ المبين لا يأمر إلا بالسُّوء والفحشاء، وما به الضَّرر عليكم.


(١) عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمرو الدِّمشقي الشافعيُّ (ت: ٧٧٤/ ١٣٧٣): إمام كبير في التفسير والحديث والفقه والتاريخ، ترك مؤلفات كثيرة قيمة أبرزها: «جامع المسانيد والسنن» في الحديث، و «البداية والنهاية» في السيرة والتاريخ، وكتاب «تفسير القرآن العظيم»، وهو من أفضل كتب التفسير لما امتاز به من عناية بالمأثور، وتجنب للأقوال الباطلة والروايات المنكرة. مترجم في: «الأعلام» (١/ ٣٢٠).
(٢) «تفسير القرآن العظيم» [البقرة: ٢٠٨].
(٣) عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السَّعدي (ت: ١٣٧٦/ ١٩٥٦): عالم ومفسِّر وفقيه، من أبرز علماء عصره، ولد في القصيم بالمملكة العربية السعودية. صنَّف كتبًا قيِّمة في العقيدة والأصول والفقه والإصلاح، أبرزها تفسيره الشهير: «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان». مترجم في «الأعلام» (٣/ ٣٤٠).

<<  <   >  >>