صحيحًا ـ، وكذلك الثالث ـ وهو أنَّ المسلم في بلاد الكفَّار يجب عليه الالتزامُ بأحكام الدِّين كما يجب عليه في بلاد الإسلام ـ، والرابع في جوازُ معاملَتِهم بالبَيْعِ والشِّراءِ والهِبَةِ والقَرْضِ والرَّهْنِ وسائرِ المعاملاتِ المباحة؛ فتتعلق بالمسلم من جهة اعتقاده وتديُّنه وأخلاقه في معاملة الآخر.
والأثر الخامس في أنَّ المسلمَ إذا دَخَلَ بلادَ الكفَّار الحربيِّينَ وكان يقصِدُ القيامَ بعمليَّاتٍ عسكريَّةٍ ضدَّهم، فأَظْهَرَ لهم طلبَ الدُّخولِ في أمانِهم، فأَعْطَوهُ الأمانَ، وسَمَحُوا له بدخول بلادهم؛ وَجَبَ عليهِ ـ ديانةً وأخلاقًا ـ الالتزامُ بعقد الأمان، وحَرُمَ عليه الغدرُ بهم، وكذلك الأثر السادس في أنه إذا دَخَلَ جماعةٌ من المسلمين في أَمانِ قومٍ من الكفَّارِ الحربيِّينَ، ثم قامتِ الحربُ بينهم وبين جماعةٍ أُخرَى من المسلمين؛ لم يَجُزْ لأولئك المسلمينَ المستأمَنِين نصرةُ إخوانِهم المسلمينَ إلا بعدَ أَنْ يُلْغُوا عَقْدَ الأَمانِ مع أولئك الكفَّارِ، ويُعْلِمُوهُمْ بذلكَ؛ فمن لوازم عقد الأمان وشروطه، وهما متقاربان؛ لكنْ بينهما فرقٌ ظاهرٌ في صورة الواقعة، ولهما تعلُّق أكيد بالأثر الأول.
أما الأثر السابع ـ وهو جواز السَّفَر بالقرآن حال العهد والأمان ـ فهو من الفروع الفقهية التي يحتاج المسلم إلى معرفتها وهو خارج دار الإسلام.
أما الأثر الثَّامن في أنَّ المسلمينَ المستأمَنينَ في بلاد الكفَّار لا يقيمونَ الحدودَ بينهم، لعَدَمِ وُجودِ وِلايةٍ إسلاميَّةٍ عليهم، لكنَّهم يلتزمون بما يترتَّب على ارتكابِ المعاصي الموجِبَة للحدود من توبةٍ وصومٍ وكفارةٍ ودِيَةٍ، ونحو ذلك، مما يلزمهم ديانةً؛ فمهمٌّ جدًّا لتصحيح تصور المسلم وتصرُّفه في البيئة التي يعيش فيها.
أما الأثر التاسع في أنَّ المسلمَ المقيمَ في بلاد الكفَّار ينبغي عليه أَنْ يُعاملهم بالحسنَى ويَدْعُوَهم إلى الإسلام، ويتألَّفَهم بموافقتهم في غيرِ ما حرَّمه الله تعالى، ولا يرتكبَ ما يحملهم على النُّفْرة من الدِّين الحقِّ، ولا يُثيرَهم بتصرُّفٍ يحملُهُم على إيذائه والإضرارِ به؛ فهو من اللوازم الأخلاقية والسلوكية.