غيرهم على ضوء ما تهدي إليه الشريعةُ من أحكامٍ وآدابٍ، فإنَّهم يقدِّمون مِنْ أخلاقِهم ومعاملاتِهم صورةً عن الإسلامِ وثقافتِه وحضارتِه، ذلك أنَّ كثيرًا من الفئات غير المسلمة لا تكلِّف نفسها التعرُّفَ على الإسلام، أو لا تتمكَّن من ذلك؛ إلا من خلال هذا السُّلوك الذي تراه من أبناء الجاليات المسلمة، فإذا كان سلوكُها لا ينضبِطُ بما جاء به الإسلام من الأحكام والأخلاق والآداب، فإنَّه ـ بلا شكٍّ ـ يُورثُ موقفًا سلبيًّا من هذا الدِّين، ويؤكِّد تلكَ الصُّورةَ السيِّئةَ التي يروِّج لها الحاقدونَ عليه في بعض وسائل الإعلام.
والمؤمَّلُ أنْ يُسهِمَ هذا الكتابُ ـ الَّذي تصفَّحتُ جزءً منه ـ في تجلية مسائلَ وقضايا أساسيَّةٍ من الفقه الذي تحتاج إليه الجالياتُ والأقلياتُ المسلمةُ في خصوص العلاقة بينها وبين الدُّول التي تقيم فيها، ويصوِّبَ بعض التصرُّفاتِ الخاطئةِ، التي نشأتْ من القصور في الفهم أو التَّنزيل للمسائل الفقهيَّة على وقائعَ معاصرةٍ.
وقد جاء قَيِّمًا في معلوماتِه، وتحريرِه اللُغَويِّ والفقهيِّ والموضوعيِّ، مِمَّا يدلُّ على مَقْدِرَةِ المؤلِّفِ، واهتمامِهِ بالدَّعوةِ وقضاياها بين الجاليات المسلمة في أوروبا.
أسألُ الله أَنْ ينفع به، ويجزي صاحبَه بأحسن ما بذَلَ فيه من جُهْدٍ ونُصْحٍ فيه لإخوانه من الجاليات المسلمة وغيرهم. وأَنْ يوفِّق الجميعَ لما يحبُّه ويرضاه.