للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتحريمه القرآنُ، وتظاهرت به السنَّة، وانعقد الإجماعُ على تحريمه؛ بخبرٍ مجهولٍ، لم يردْ في صحيحٍ، ولا مسندٍ، ولا كتابٍ موثوقٍ به، وهو مع ذلك مرسَلٌ محتمَلٌ. ويحتمل أنَّ المراد بقوله: «لا ربا» النهي عن الربا، كقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧]. وما ذكروه من الإباحة منتقَضٌ بالحربيِّ إذا دَخَلَ دارَ الإسلامِ، فإنَّ مالَه مباحٌ، إلا فيما حظَرَهُ الأمانُ، ويمكن حمله بين المسلمين على هيئة التَّفاضُل، وهو محرَّمٌ بالإجماع، فكذا هاهنا». (١)

تنبيه

وأختم هذا المبحث بالتنبيه على أمرين مكمِّلَين وموضِّحَين لما سبق:

الأَوَّلُ: أنَّ هذه المسألة مبنيَّة على ما سبق شرحه من اتفاق الفقهاء على لزوم صفة الحرب لكلِّ دارِ كفرٍ (٢)؛ فهذه الصفة موجبةٌ ـ عندهم ـ لاستباحة تلك الدار. وقد اتَّفقُوا ـ هنا ـ على أنَّ العهد مزيلٌ لتلك الاستباحة بقَدْرِ نُفُوذِهِ، ثم اختلفوا فيما لم يكن للعهد نفوذٌ فيه، وهو صفة الحرب. وقد شرحنا وجه عدم تصوِّرهم إمكان زوالها، وبيَّنا أنَّ زوالها قد تحقَّق في هذا العصر بما التزمتْ به الدُّوَلُ من عهودٍ ومواثيقَ في أن تكون العلاقات بينها على أساس السِّلْم ابتداءً وأصالةً. وهذا مستوجِبٌ لنفوذِ أثَرِ العهدِ بإطلاقٍ، ويحقِّقُ زوالَ صفة الحرب ابتداءً وأصالةً. ويؤكِّد هذا ما بعده.


(١) «المغني» (٦/ ٩٨:٧١٣).
(٢) راجع ما سلف في مبحث التعريف بدار الكفر ودار الحرب.

<<  <   >  >>