في كل فنّ بالجمع، هذا مع الانجماع عن بني الدنيا، وترك التعرض للمناصب، وقد نفق له سوق في الدولة المؤيدية، وهاداه السلطان عدّة مرار بجملة من الذهب، ومع ذلك كان يمتنع من الاجتماع به، ويتغير إذا عرض عليه ذلك.
ثم قال في «إنباء الغمر»(١١٦/ ٣): وكان يبرّ أصاحبه، ويساويهم في الجلوس، ويبالغ في إكرامهم.
وذكر أيضا: وكان يديم الطهارة، فلا يحدث إلا وتوضأ، ولا يترك أحدا يستغيب عنده أحدا، هذا مع ما هو عليه من محبة الفكاهة، والمزاح، واستحسان النادرة.
لازمته من سنة تسعين إلى أن مات، وكان يودّني كثيرا، ويشهد لي في غيبتي بالتقدم، ويتأدب معي إلى الغاية، مع مبالغتي في تعظيمه، حتى كنت لا أسميه في غيبته إلا:«إمام الأئمة».
وذكر محقق كتاب «إنباء الغمر»(١) الدكتور حسن حبشي: أنه كتب على هامش الأصل بخط الشيخ إبراهيم البقاعيّ ما نصّه: حدثني الشيخ محبّ الدين محمد بن مولانا زاده، الشهير بابن الأقصرائيّ، الحنفيّ، إمام السلطان، وكان محمد ممن لازم الشيخ عزّ الدين كثيرا: أنه رأى رجلا تكروريّا اسمه: عثمان ما غفا-بالغين المعجمة والفاء-ورد إلى القاهرة، وكان له عشرة بنين رجال، فأتى بهم إلى الشيخ عزّ الدين للاستفادة، فقرأ عليه كتابا، فكان إذا قرر له مسألة، ففهمها، وقف، ودار ثلاث دورات على شبه الراقص، ثم انحنى للشيخ على هيئة