للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا " أَوْ " فَإِنْ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا هِيَ لِلشَّكِّ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَأَصْلُهَا أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ أَحَدَ مَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ لَا جَمِيعَهُ، وَهَذَا حَقِيقَتُهَا وَبَابُهَا. نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩] وَقَوْلُهُ {مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] تَتَنَاوَلُ أَحَدَ الْمَذْكُورَاتِ لَا جَمِيعَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا حُكْمُهَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْإِثْبَاتِ. وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّفْيِ تَنَاوَلَتْ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ عَلَى حِيَالِهِ. نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] . وقَوْله تَعَالَى: {أَوْ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام: ١٤٦] . قَدْ نَفَى بِهَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى حِيَالِهِ لَا عَلَى مَعْنَى الْجَمْعِ.

وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: فِيمَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ عَمْرًا أَنَّهُ أَيَّهُمَا كَلَّمَ حَنِثَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا فِي الْمَعْنَى غَيْرُ مُخَالِفٍ لِحُكْمِهِ فِي الْإِثْبَاتِ لِأَنَّهَا حِينَ دَخَلَتْ عَلَى النَّفْيِ نَفَتْ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَلَى حِدَةٍ، لَا عَلَى وَجْهِ الْجَمْعِ. كَمَا أَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى الِاثْنَيْنِ أَثْبَتَتْ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا فُعِلَ عَلَى الِانْفِرَادِ كَانَ فَاعِلًا بِمُوجَبِ حُكْمِ الْآيَةِ لَا (عَلَى) مَعْنَى الْجَمْعِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>