قال: الرئبال من الأسد كالقارح من الخيل التي تمت أسنانه، قال: هذا عن أبي حفص عمر بن بُكير، قال: وشكم غضوب، ينبغي أن يكون من " الشكيمة " وهي شدة الخلق ومنه شكمته إذا كافأته فكأنه يقابل أعداءه مكافئا لهم، فإن قلت فإن الشكْمَ هو المكافأة مرسلة لا يخص خيرا من شر فكيف أخلصتها هنا للشر؟ قيل: لا ينكر أن يكون الشيء في الأصل سائغا غير مقصور ثم يراد في بعض الأحوال المبالغة فيقتصر على أحد ما يقع عليه كقولنا للكعبة: بيت الله، ولعلم حلال الشريعة وحرامها: الفقه، وللثمين من تجارة: الجوهلا، ونحو ذلك، فكما اختص هذا للخير كذلك اختص " شكم " للشر، والمعنى الجامع هما إرادة المبالغة لا سيما وقد تقدم في أول البيت ما جذب إلى ذاك وحدا على قصره على ما يضاهيه.
وفيها:
شيبت بموهبة من رأس مرقبة ... جرداء مهيبة في حالق شمم
قال: موهبة غدير، هذا عندي مما شَذّ في تصريفه لأن العرب لا تكاد تبني " مَفْعَلاً " بفتح العين مما فاؤه واو إنما هو " مَفْعِل " بكسرها نحو: الموضع والموقع والموجِدة والمورِدة، إلا أنه قد جاء من هذا ما قدمت ذكره منه قولهم: مَوْضَع بفتح الضاد، قد حكيت كذلك عن الفراء وقالوا: مَوْجَل ومَوْحَل وموقَعَة الطائر، وقالوا: أكل الرطب مَوْرَدَةٌ والبطنة مَوْسَنَة، وقالوا: مَوْظَب ومَوْثَب، ولم يذهب فيه إلى لفظ " م ر ق "، قال: وأما مَوْألَة فمن اخذها من ذاك فهي من هذا الباب، ومن أخذها من " مَألْتَ " فهي " فوْعَلَة "، ومثل قوله مَهْيَبَة في تصحيح عينها قولهم:" هذا طعام مَطْيَبَة للنفس " و " كثرة الشرب مَبْوَلة " و " الفكاهة مَقْوَدَة إلى الأذى "، وقالوا في " المَثُوبة ": المَثْوَبَة، وفي " المشُورة ": المَشْوَرَة، وقالوا في العلم: مَرْيَم ومَدْيَن ومكْوَزَة، وكأنَّ الغدير سمى مَوْهَبَة؛