للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في قولك: " عجبت مما صنعت " أي: من صنيعك، و " مما قمت " أي: قيامك وهي مرفوعة ب " قَلَّ " يدل على ذلك فصله بينها وبين " قَلَّ " بالظرف، وهذا الفصل إن وجد بين المضاف والمضاف إليه وبين حرف الجر وما جره في قوله " من الطويل "

ف لو كنتُ في خلقاء من رأس شاهق ... وليس إلى منها النزول سبيل

ونحو ذلك، فأنا لم نجده معترضاً بين الجزأين المركبين في نحو معدي كرب وقاليقلا ومارسرجس، ولا فيما أصلح فيه الجزء الثاني الجزء الأول لمباشرة " ما "، لولا الثاني لم يباشره نحو: ربما قام، وقلما زارنا، وبعدما أفنان رأسك كالثغام، وإذا كان هذا مفقودا غير موجود لم يجز أن يحمل بيت أبي صخر عليه، فأما الفعل المصلح للفعل بعدهما في قولك: " قَلّما زرناك "، فإنه عندنا لا فاعل له وذلك أن " ما " المضمومة إليه كفّته عن اقتضائه الفاعل وأصارته إلى حكم آخر، وقد تقصى هذا في عدة أماكن من كلام أبي علي وكلامي فتركت الإطالة بذكره.

وفيها:

سمون بنا يَحْتَبْنَ كُلَّ تنوفة ... تَضِلّ بها عن بيضهن القطا الكُدْرُ

لا يجوز أن تكون " تنوفة " من النوف ولا من " أناف على كذا " أي: علاه؛ لأنها لو كانت منه لوجب تصحيحها لموافقة الزيادة في أولها زيادة الفعل وللزم أن تقول: تَنْوَفَة ك " تَدْوَرَة "، وتصحيحها أيضا في التكسير فتقول تناوِف كمعونة ومعاوِن، فهي إذن من لفظ " ت ن ف "، ولا اعرف لهذا الأصل استعمالاً في غير هذا الموضع.

<<  <   >  >>