(ذُو لحاظ ترمي سِهَام المنيات ... بهَا من كنائن الْأَهْدَاب)
(تَحت فرع كَأَنَّهُ ظلمَة الْبعد ... وَفرق كالوصل والاقتراب)
(فَإِذا مَا شدا بِصَوْت رخيم ... ذكر الناسكين عهد التصابي)
(كثمار من الْفَوَائِد فِي أَغْصَان ... علم بروضة الْآدَاب)
(أبدعتها أَيدي إِمَام الْهدى وَالْعصر ... بَحر الندا مُبين الصعاب)
(عَالم الْوَقْت منبع الشَّرْع وَالدّين ... يفضل النهى وَفصل الْخطاب)
(من بألفاظه لقد شرف الْمِنْبَر ... وازداد رونق الْمِحْرَاب)
(هُوَ كالبحر كل صَاد تروى ... من نداه وَغَيره كالسراب)
(دَامَ فَردا فِي الْفضل جَامع علم ... مَا صبا مغرم لعهد الشَّبَاب)
وَأَخْبرنِي أَنه كَانَ هُوَ وإياه فِي مجْلِس حافل فَدخل عَلَيْهِم رجل وَأنْشد قصيدة فِي مديح الْمَقْدِسِي منحطة الرُّتْبَة وَاعْتذر فِيهَا عَن قصوره قَالَ فأنشدت بديها هَذِه الأبيات على الْوَزْن والقافية
(قصرت فِي مدح الإِمَام الْمَقْدِسِي ... وحوادث الْأَيَّام عذر الْمُفلس)
(عَلامَة الْأَعْلَام والغصن الَّذِي ... بِالْفَضْلِ يعرف فِيهِ طيب المغرس)
(سَعْدا لكَمَال وَسيد الْعلمَاء من ... بِوُجُودِهِ نعفو عَن الزَّمن المسي)
(حبر إِذا اجْتمع الصُّدُور بِمَجْلِس ... يَوْم التفاخر فَهُوَ صدر الْمجْلس)
(شدّت بأوتار النُّجُوم خيامه ... مَضْرُوبَة فَوق الْأَثِير الأطلس)
(أفكاره تجلو الخطوب عَن الورى ... وضياؤه يجلو ظلام الحندس)
(قد مثل الله الْعُلُوم لَهُ كَمَا ... لنَبيه تَمْثِيل بَيت الْمُقَدّس)
(فَإِذا مدحت أولي الْفَضَائِل والنهى ... فالبس من الْآدَاب أَفْخَر ملبس)
(فالمدح بالشعر الضَّعِيف لمثله ... كالهجو تكرههُ كرام الْأَنْفس)
وَحكى لي الْأَخ الشَّيْخ مصطفى أَنه حضر دروسه فِي الْجَامِع الصَّغِير للسيوطي بالأشرفية قَالَ وَاتفقَ أَنِّي دخلت عَلَيْهِ يَوْم عيد فِي بَيته أُعِيدهُ وأعوده وَهُوَ مَرِيض مرض الْمَوْت وَكَانَ لَهُ ولد صَغِير فَلَمَّا خرجت من عِنْده أَعْطيته شَيْئا من الدَّرَاهِم فَرجع إِلَى وَالِده فَأخْبرهُ فناداني وَقَالَ لي فِي الْجنَّة بَاب يدْخل مِنْهُ مفرحو الْأَطْفَال أَرْجُو الله تَعَالَى أَن تكون مِنْهُم قَالَ وَرَأَيْت بِخَطِّهِ من شعره قَوْله
(صادني خشف ربيب ... فاتن بالْحسنِ يسمو)