للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى اللَّيْلَة الْقَابِلَة فَقضى نحبه وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لليلتين بَقِيَتَا من شَوَّال سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَألف وَكَانَ عمره أَرْبعا وَثَلَاثِينَ سنة فَإِن مولده على مَا أَخْبرنِي بِهِ فِي سنة خمس وَخمسين وَألف وَدفن خَارج بَاب أدرنة على يمنة الطَّرِيق الْآخِذ إِلَى مَدِينَة أَيُّوب وَقلت أرثيه بِهَذِهِ الأبيات

(كل حَيّ على البسيطة فَانِي ... غير وَجه الْمُهَيْمِن الرَّحْمَن)

(وشراب الْمنون فِي النَّاس يسرى ... سريان الْأَرْوَاح فِي الْأَبدَان)

(عَم حكم الفناء فِي الْخلق حَتَّى ... سَوف يرقى الردى إِلَى كيوان)

(وفناء الأقران شَاهد عدل ... وَدَلِيل على فَنًّا الأقران)

(لَو نجا من يَد الردى ذُو فخار ... خلد الْعدْل صَاحب الإيوان)

(إِن فِي الْمَوْت عِبْرَة للبيب ... لم تعقه علائق الجثمان)

(وَالسَّفِيه السَّفِيه من صرف الْعُمر ... بِشرب الطلا وَقرب الغواني)

(وَالَّذِي يَشْتَرِي جَهَنَّم باللذات ... أولى التُّجَّار بالخسران)

(فاغتنم فرْصَة الْحَيَاة فَمَا التسويف ... إِلَّا مَطِيَّة الحرمان)

(كل نفس تجزى بِمَا قدّمته ... وَجَزَاء الْإِحْسَان بِالْإِحْسَانِ)

(كَيفَ نرجو من الزَّمَان بَقَاء ... والمنايا تحول دون الْأَمَانِي)

(والورى وَالثَّرَى حباب وَمَاء ... ينطفي وَاحِد ويطفو الثَّانِي)

(أَيْن روح الزَّمَان من كنت فِي حِين ... وإياه كحلتي حلوان)

(كَانَ فِينَا كالورد فِي وجنات الغيد ... وَالسحر فِي عُيُون الحسان)

(عَاجل الدَّهْر نير الْفضل بالكسف ... وَبدر الْكَمَال بِالنُّقْصَانِ)

(رَجَعَ الْجَوْهَر النفيس إِلَى الأَصْل ... وأضحى مقره فِي الْجنان)

(لَيْت شعري وَلَيْسَ يجدي أَمن عمدٍ ... رمته الخطوب أم نِسْيَان)

(كَيفَ دكيت أَيهَا الحتف رضوى ... ونقلت الهضاب من ثهلان)

(جَادَتْ السحب قَبره من فَقِيه ... كَانَ فِي الْفِقْه وَارِث النُّعْمَان)

(وَحَكِيم يكَاد ينْطق عَن ... وَحي نَبِي أَو عَن نبا لُقْمَان)

(وأديب يغار من نثره الدّرّ ... وَمن نظمه عُقُود الجمان)

(وجوادٍ كَانَ فِي كَفه عَيْني ... محب أَو ملتقى عمان)

(كَانَ نفعا وَلم يزل وأحق النَّاس ... بِالْحَمْد دَائِم الْإِحْسَان)

<<  <  ج: ص:  >  >>