للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

(متعانقين على فرَاش صِيَانة ... متحذرين من الصَّباح المسفر)

وكتبت عَنهُ من املائه قَوْله يمدح أَبى رحمهمَا الله تَعَالَى

(أرى الْعُمر فى غير السرُور مضيعا ... وَمن ودع الاحباب روحا مودعا)

(فانى قد نازلت كل كريهة ... وقضيت فى النعماء عزا منوعا)

(وجالست أَرْبَاب الْفَضَائِل يافعا ... وشاهدت أقمار الكمالات طلعا)

(وصادفت فضل الله وَابْن محبَّة ... أجل بنى الدُّنْيَا وَأكْرم من سعى)

(فَلَا من كَسَاه الله ثوبا كمن غَدا ... عَلَيْهِ لثوب مستعار مرقعا)

(وَلَا من يُصِيب النَّاس أنواء فَضله ... كمن رَاح يرضى بِالْقَلِيلِ تقنعا)

وَقَالَ رَحمَه الله تَعَالَى يمدح بعض الاعيان

(بذاتك طابت فى الْوُجُود العناصر ... وقرت عُيُون واطمأنت سرائر)

(وأيسر وصف من جميلك دوحة ... يجول بهَا فكر ويرتع نَاظر)

(سقيت رياض الشُّكْر منى مآثرا ... تفتح مِنْهَا بالثناء أزاهر)

(أَزور وضدى لَا سواهُ مصاحبى ... حماك فتثنينى وحولى عشائر)

(اذا سرت خفف من عطاياك اننى ... ليثقل ظهرى جودك المتكاثر)

(وَمَا أَنا من يَأْبَى نداك وانما ... يمل من السحب الثقال الْمُسَافِر)

(كفانى عزا اننى بك لائذ ... وحسبك فخرا أننى لَك شَاعِر)

وَحضر يَوْمًا عِنْد والدى فَقَالَ لى اكْتُبْ مَا أمْلى عَلَيْك وَهُوَ مِمَّا نظمته فى هَذِه اللَّيْلَة ثمَّ أنْشد هَذِه الابيات معرضًا بِجَمَاعَة من صُدُور دمشق فَقَالَ

(أسود على مَا تدعيه نُفُوسهم ... نمال اذا عدوا ليَوْم رهان)

(يسؤوننى فى القَوْل غيبا وانهم ... لتسدى لَهُم نعماى طول زمَان)

(وَأمسى مروعا من مَخَافَة عتبهم ... وهم تَحت ظلى رأفتى وامانى)

(وَلم أنس مَا قد قَالَ والدى الذى ... تعوض عَن دنياهم بجنان)

(أَبَت همتى العلياء عَنى أَن ترى ... رجَالًا مكانى لَا تسد مكانى)

ثمَّ سمعته بعد أَيَّام يَقُول قد ظَفرت فى مسوداتى الْقَدِيمَة بِهَذِهِ الابيات الْخَمْسَة وَكنت قد نظمتها من مُنْذُ خمس وَثَلَاثِينَ سنة والآن توارد الْفِكر فِيهَا وَهَذَا غَرِيب ثمَّ بعد مُدَّة اخْتَلَط وَظَهَرت فِيهِ أَحْوَال الطاعنين فى السن وتناقضت أَقْوَاله ثمَّ مرض وَطَالَ بِهِ الْمَرَض مُدَّة أشهر ونظم فى مَرضه هَذِه القصيدة المطولة وَلَيْسَت من

<<  <  ج: ص:  >  >>