بَاشرهُ أحسن مُبَاشرَة وتحرى فِيهِ إِلَى الْغَايَة وَزَاد فِي الأحكار وَفِي معاليم كثير من الطّلبَة وَشرع فِي عمَارَة أوقافه وَالنَّظَر فِي مَصَالِحه وَكَانَ السَّبَب فِي انْفِصَاله عَنهُ أَنه التمس مِنْهُ قِطْعَة من الرحاب الْمُجَاورَة لَهُ فَامْتنعَ فَسلط عَلَيْهِ نَاظر القرافة أَبُو بكر الشاطر فأفحش فِي حَقه ثمَّ تسببوا فِي انْفِصَاله فتقلل من الإقراء من ثمَّ بل يُقَال أَنه مَا سلك القرافة بعد هَذَا وَكَذَا أوذي من قبل أَخِيه فَصَبر، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة مُتَقَدما فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والمعاني وَالْبَيَان والقراءات مشاركا فِي غير ذَلِك ذَا أنسة بالفن سريع الْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة حسنهما متضلعا من عُلُوم شَتَّى نظارا بحاثا بِحَيْثُ كَانَ الْعِزّ الْكِنَانِي يَقُول مَا رَأَيْت أبحث مِنْهُ وَكَانَ يرجحه على أبي الْفضل المغربي وَرُبمَا يَقُول قصارى أمره أَن يصل لمرتبته يَعْنِي فِي أَشْيَاء وَقَالَ لَهُ الْعَلَاء بن المغلي أَنْت كثير التفف صَحِيح التَّأَمُّل قوي الْفِكر مَعَ التَّوَاضُع وَحسن الْعشْرَة ولطيف المماجنة والمداومة على التَّهَجُّد وَالْقِيَام وَالِاعْتِكَاف فِي شهر رَمَضَان بِتَمَامِهِ فِي خلوته علو الْأَزْهَر وَصِحَّة العقيدة والمحاسن الجمة وَلم يكن يَأْكُل فِي رَمَضَان اللَّحْم إِنَّمَا كَانَ قوته فِيهِ الْخلّ وَالْعَسَل والبقل والجبن الأقفاصي وَنَحْو ذَلِك بل كَانَ يَقُول أَنه مكث نَحْو عشْرين سنة لَا يَأْكُل من أَطْعِمَة الثوم شَيْئا وَلم يشغل نَفسه مَعَ تقدمه بالتأليف بل كَانَ يكْتب على كثير من دروسه الْكِتَابَة المحكمة المتقنة الَّتِي يُبَالغ فِيهَا فِي اسْتِيفَاء النّظر وَالتَّحْقِيق وَعمل منسكا لطيفا متقنا، وَقد شهد لَهُ شَيخنَا فِي تَرْجَمَة وَالِده من تَارِيخه أَنه أمثل بني أَبِيه طَريقَة وَوَصفه فِي بعض مَا قَرَأَهُ عَلَيْهِ فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بالشيخ الْفَاضِل الأوحد مُفِيد الطالبين صدر المدرسين جمال الطَّائِفَة عُمْدَة المفيدين انْتهى. وَكَانَ يَحْكِي لنا أَنه رام أَن يدربه ليَكُون مَعَه كالهيثم مَعَ الْعِرَاقِيّ فَمَا تيَسّر، وَقد لازمته مُدَّة وقرأت عَلَيْهِ جملَة بل كتب لي تقريظا على بعض تصانيفي وَكَانَ يقدمني على أَخِيه. مَاتَ بعد تعلله بالإسهال أشهرا فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل الْمحرم سنة سِتّ وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ فِي يَوْمه بالأزهر تقدم النَّاس الْمَنَاوِيّ وَدفن بتربة يُقَال لَهَا تربة الْمَوْلُود خَارج الْبَاب الْجَدِيد وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وَحمل على أَعْنَاق الْأُمَرَاء والفضلاء فَمن دونهم وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ وَعظم الأسف لفقده رَحمَه الله وإيانا.)
عَليّ بن أَحْمد بن إينال نور الدّين بن الْمُؤَيد بن الْأَشْرَف. ولد فِي شَوَّال سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة بإسكندرية كَانَ أملك على ابْنة مُحَمَّد بن بردبك ابْن عمته فَمَاتَتْ وَطعن هُوَ ثمَّ تخلص وتحرك للمجيء لِلْحَجِّ فِي موسم سنة سبع وَتِسْعين ثمَّ بَطل.
عَليّ بن أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد وَقيل عبد الله وَالْأول أصح النُّور