السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور سيف الدّين قلاوون الألفي الصَّالِحِي النجمي العلائي كَانَ من جنس القبجاق وَمن قَبيلَة برج أغلي فجلب إِلَى مصر وَهُوَ صَغِير وَاشْتَرَاهُ الْأَمِير عَلَاء الدّين آقسنقر الساقي العادلي أحد مماليك الْملك الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب بِأَلف دِينَار فَعرف من أحل ذَلِك بالألفي. فَلَمَّا مَاتَ أستاذه الْأَمِير عَلَاء الدّين صَار إِلَى الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب فِي عدَّة من المماليك فعرفوا بالعلائية وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَجعل الْملك الصَّالح قلاوون من جملَة المماليك البحرية ومازال حَتَّى كَانَت وَفَاة الْملك الصَّالح ثمَّ إِقَامَة شجر الدّرّ بعد الْملك توران شاه بن الصَّالح. فَلَمَّا قَامَ الْمعز أيبك فِي سلطنة مصر وَقتل الْفَارِس أقطاي خرج قلاوون من مصر فِيمَن خرج من البحرية. وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال حَتَّى صَار أتابك العساكر بديار مصر فِي سلطنة الْملك الْعَادِل سلامش بن الظَّاهِر فِي سَابِع شهر ربيع الآخر وَصَارَ يذكر اسْمه مَعَ اسْم الْعَادِل على المنابر وَتصرف تصرف الْمُلُوك مُدَّة ثَلَاثَة أشهر إِلَى أَن وَقع الِاتِّفَاق على خلع الْعَادِل وَإِقَامَة قلاوون. فأجلس قلاوون على تخت الْملك فِي يَوْم الْأَحَد الْعشْرين من رَجَب وَحلف لَهُ الْأُمَرَاء وأرباب الدولة وتلقب بِالْملكِ الْمَنْصُور وَأمر أَن يكْتب فِي صدر المناشير والتواقيع والمكاتبات لفظ الصَّالِحِي فَكتب بذلك فِي كل مَا يكْتب عَن السُّلْطَان وَجعل عَن يَمِين الْبَسْمَلَة تحتهَا بِشَيْء لطيف جدا. وَخرج الْبَرِيد بالبشائر إِلَى الْأَعْمَال وجهزت نُسْخَة الْيَمين إِلَى دمشق وَغَيرهَا وزينت الْقَاهِرَة ومصر وظواهرهما وقلعة الْجَبَل وأقيمت لَهُ الْخطْبَة بأعمال مصر. وَأول مَا بَدَأَ بِهِ السُّلْطَان قلاوون إبِْطَال زَكَاة الدولبة وَكَانَت مِمَّا أجحفت بالرعية وأبطل مُقَرر النَّصَارَى وَكَانَ لَهُ مُنْذُ أحدث ثَمَان عشرَة سنة وانحطت الأسعار. وَوصل الْبَرِيد إِلَى دمشق وَعَلِيهِ لاجين الصَّغِير والأمير ركن الدّين بيبرس الجالق فِي ثامن عشريه بعد يَوْمَيْنِ وَسبع سَاعَات من مُفَارقَة قلعة الْجَبَل وَلم يعْهَد مثل هَذَا. فَحَلَفت عَسَاكِر دمشق وأقيمت الْخطْبَة بهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي شعْبَان وزينت الْمَدِينَة سَبْعَة أَيَّام.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute