لالا الْمقَام الناصري مُحَمَّد ولد السُّلْطَان فرباه وَهُوَ صَغِير وأقرأه الْقُرْآن الْعَظِيم ثمَّ خدم من بعد قنقباي جمَاعَة من الْأُمَرَاء زمامًا لدورهم وعارك خطوب الدَّهْر ألوانًا حَتَّى إستدعاه الْأَشْرَف برسباى وَعَمله خازندارَا فَتمكن مِنْهُ مُمكنا زَائِدا وإنبسطت يَده فِي تَحْصِيل الْأَمْوَال للذخيرة بِقُوَّة وشهامة وَضبط فَلَمَّا مَاتَ الْأَشْرَف أضيفت إِلَيْهِ أزمة الدّور فباشر ذَلِك حَتَّى مَاتَ وَلم يخلف فِي أَبنَاء جنسه بعده مثله وَكَانَ عفيفًا لَهُ بر وأفضال مَعَ رصانة عقل وجد من غير هزل وَكَانَ مهابًا يَتْلُو الْقُرْآن بالسبع إِلَّا أَنه فتن بِصُحْبَة السُّلْطَان فحرص على رِضَاهُ وإقتحم المهالك بِحَيْثُ أَنه لم يكن فِي الدولة الأشرفية أحد أخص مِنْهُ بالسلطان وَلَا أقوى تمَكنا فَالله يعْفُو عَنهُ. بمنه. وَمَات القَاضِي شرف الدّين الْأَشْقَر وإسمه أَبُو بكر بن سُلَيْمَان الْمَعْرُوف بِابْن العجمي الْحلَبِي نَائِب كَاتب السِّرّ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع رَمَضَان وَقد أناف على السِّتين قدم من حلب فِي أَيَّام الْأَمِير جمال الدّين يُوسُف أستادار وَعِنْده يَوْمئِذٍ بنت أخي جمال الدّين فَنَوَّهَ بِهِ وَأقرهُ فِي توقيع الدوادار الْكَبِير فيعد من رُؤَسَاء الْقَاهِرَة حَتَّى زَالَت دولة جمال الدّين فنكب فِي جملَة من نكب من ألزامه نكبة نجاه الله مِنْهَا بَعْدَمَا أشفى على الْهَلَاك فَلَمَّا كَانَت الْأَيَّام المؤيدية شيخ عَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ من مُبَاشرَة الترقيع عِنْد الأستادارية مُدَّة سِنِين ثمَّ رغب عَن ذَلِك وباشر فِي ديوَان الْإِنْشَاء مَعَ ابْن مزهر كَاتب السِّرّ وَمن بعده وَصَارَ نَائِب كَاتب السِّرّ بِهِ حل الدُّيُون وعقده ثمَّ ولي كتاب السِّرّ بحلب مُدَّة وَتركهَا لوَلَده معِين الدّين وَعَاد إِلَى نِيَابَة كِتَابَة السِّرّ حَتَّى مَاتَ وَكَانَ ماهرًا بصناعة الْإِنْشَاء جميل المحاضرة بشوشًا متوددًا حشمًا فخورًا لَهُ فَضِيلَة وَسيرَته مشكورة. وَمَات العَبْد الصَّالح شهَاب الدّين أَحْمد بن حُسَيْن بن حسن بن رسْلَان الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمُحدث الْمُفَسّر بِمَدِينَة الْقُدس فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ عشْرين شهر رَمَضَان عَن إِحْدَى وَسبعين سنة وَلم يخلف بِتِلْكَ الديار بعده مثله علما ونسكًا. وَمَات القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن شعْبَان فِي حادي عشْرين شَوَّال عَن نَيف وَسِتِّينَ سنة وَولي حسبَة الْقَاهِرَة مرَارًا عديدة وَلَا فضل وَلَا فَضِيلَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute