جَوْهَر أَن يحرر لَهُ جملَة مَا يتَحَصَّل من أوقافه على أَوْلَاده فَلَمَّا أوقفهُ على ذَلِك وجد السَّبِيل إِلَى الْكَلَام فَأعلمهُ. بِمَا أَشَارَ بِهِ القاضى زين الدّين عبد الباسط من الْعَهْد إِلَى الْمقَام الجمالى فأعجبه ذَلِك وَأمر بإستدعائه هـ فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ سَأَلَهُ عَمَّا ذكر لَهُ جَوْهَر عَنهُ فَأخذ يحسن ذَلِك وَيَقُول: فِي هَذَا إجتماع الْكَلِمَة وسد بَاب الْفِتَن وَعمارَة بَيت السُّلْطَان ومصلحة الْعباد وَعمارَة الْبِلَاد وَنَحْو ذَلِك من القَوْل. فَأجَاب السُّلْطَان إِلَى ذَلِك ورسم لَهُ باستدعاء الْخَلِيفَة والقضاة والأمراء والمماليك وَأهل الدولهْ وحضورهم فِي غَد فَمضى عَنهُ القاضى زين الدّين وَنزل إِلَى دَاره بِالْقَاهِرَةِ وَبعث إِلَى الْمَذْكُورين أَن يحضروا غَدا بَين يدى السُّلْطَان بكرَة النَّهَار وَتقدم إِلَى القاضى شرف الدّين أَبى بكر الْأَشْقَر نَائِب كَاتب السِّرّ بِكِتَابَة عهد الْمقَام الجمالى وَذَلِكَ أَن القاضى صَلَاح الدّين مُحَمَّد بن نصر الله كَاتب السِّرّ من حِين وسط الْعَفِيف وخضر تغير مزاجه وإشتد جزعه إِلَى أَن حم فِي لَيْلَة الْجُمُعَة وَنزل من القلعة وَلزِمَ الْفراش ومرضه يتزايد وَقد ظهر بِهِ الطَّاعُون فِي مَوَاضِع من بدنه فبادر القاضى شرف الدّين وَكتب الْعَهْد لَيْلًا. وَأصْبح الْجَمَاعَة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رابعه وهم بالقلعة فَأخْرج السُّلْطَان إِلَى مَوضِع يشرف على الحوش وَقد وقف بِهِ الْأَمِير خشقدم الطواشى مقدم المماليك وَمَعَهُ جَمِيع من بقى من المماليك السُّلْطَانِيَّة سكان الطباق بالقلعة وَجَمِيع من هُوَ أَسْفَل القلعة من المشتروات والمستخدمين. وَجلسَ الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ المعتضد بِاللَّه أَبُو الْفَتْح دَاوُد وقضاة الْقُضَاة الْأَرْبَع على مَرَاتِبهمْ والأمير الْكَبِير جقمق العلاى أتابك العساكر وَمن تَأَخّر من أُمَرَاء الألوف والمباشرون ماعدا كَاتب السِّرّ فَإِنَّهُ شَدِيد الْمَرَض. ثمَّ قَامَ القاضى زين الدّين عبد الباسط وَفتح بَاب الْكَلَام فِي عهد السُّلْطَان من بعد وَفَاته لإبنه الْمقَام الجمالى بالسلطنة وَقد حضر أَيْضا مَعَ أَبِيه فَاسْتحْسن الْخَلِيفَة ذَلِك وَأَشَارَ بِهِ. فَتقدم القاضى شرف الدّين الْأَشْقَر بالعهد إِلَى بَين يدى السُّلْطَان فَأشْهد السُّلْطَان على نَفسه بِأَنَّهُ عهد إِلَى وَلَده الْملك الْعَزِيز جمال الدّين أَبى المحاسن يُوسُف من بعد وَفَاته بالسلطة فَأمْضى الْخَلِيفَة الْعَهْد وَشهد بذلك الْقُضَاة. ثمَّ إِن السُّلْطَان الْتفت إِلَى مقدم المماليك وَكَلمه بالتركية والمماليك تسمعه كلَاما طَويلا ليبلغه عَنهُ إِلَى المماليك حَاصله أَنه إشتراهم ورباهم وَأَنَّهُمْ أفسدوا فَسَادًا كَبِيرا عدد فِيهِ ذنويهم وَأَنه تغير من ذَلِك عَلَيْهِم ومازال يَدْعُو الله عَلَيْهِم حَتَّى هلك مِنْهُم من هلك فِي طاعون سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ ثمَّ إِنَّه إشترى بعدهمْ طوائف ورباهم فشرعوا أَيْضا فِي الْفساد كَمَا فعل أُولَئِكَ الهالكون بدعائه: وَأَنه قد وَقع فِيكُم الطَّاعُون فَمَاتَ مِنْكُم من مَاتَ وَقد عَفَوْت عَنْكُم وَأَنا ذَاهِب إِلَى الله وتارك ولدى هَذَا وَهُوَ وديعتي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute