للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسبب فِرَاق زين الدّين أَنه أَصَابَهُ عمى وصمم وَأقَام بإربل إِلَى أَن توفّي بهَا فِي ذِي الْحجَّة من هَذِه السّنة وَكَانَ قد استولى عَلَيْهِ الْهَرم وضعفت قوته

وَكَانَ خيِّراً عادلا حسن السِّيرَة جواداً محافظاً على حسن الْعَهْد وَأَدَاء الْأَمَانَة قَلِيل الْغدر بل عديمه وَكَانَ إِذا وعد بِشَيْء لَا بُد لَهُ من أَن يَفْعَله وَإِن كَانَ فعله خطيراً وَكَانَ حَاله من أعجب الْأَحْوَال بَيْنَمَا يَبْدُو مِنْهُ مَا يدل على سَلامَة صَدره وغفلته حَتَّى يَبْدُو مِنْهُ مَا يدل على إفراط الذكاء وَغَلَبَة الدهاء بَلغنِي أَنه أَتَاهُ بعض أَصْحَابه بذنب فرس ذكر أَنه نفق لَهُ فَأمر لَهُ بفرس فَأخذ ذَلِك الذَّنب أَيْضا غَيره من الأجناد وأحضره وَذكر أَنه نفق لَهُ دَابَّة فَأمر لَهُ بفرس وتداول ذَلِك الذَّنب اثْنَا عشر رجلا كلهم يَأْخُذ فرسا فَلَمَّا أحضرهُ آخِرهم قَالَ لَهُم أما تستحيون مني كَمَا استحيي مِنْكُم قد أحضر هَذَا عِنْدِي اثْنَا عشر رجلا وَأَنا أتغافل لِئَلَّا يخجل أحدكُم أتظنون أنني لاأعرفه بلَى وَالله وَإِنَّمَا أردْت أَن يصلكم عطائي بِغَيْر من وَلَا تكدير فَلم تتركوني

(لَيْسَ الغبيّ بسيِّدٍ فِي قومه ... لكنّ سيد قومه المتغابي)

<<  <  ج: ص:  >  >>