قَالَ ولأحكين عَنهُ مَا سَمِعت مِنْهُ فِي ذَلِك وَذَلِكَ أَنه كَانَ قد أَخذ كَوْكَب فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأعْطى العساكر دستورا وَأخذ عَسْكَر مصر فِي الْعود إِلَى مصر وَكَانَ مقدمه أَخَاهُ الْعَادِل فَسَار مَعَه ليودعه ويحظى بِصَلَاة الْعِيد فِي الْقُدس فَفعل وَوَقع لَهُ أَنه يمْضِي مَعَهم إِلَى عسقلان ويودعهم ثمَّ يعود على طَرِيق السَّاحِل يتفقد الْبِلَاد الساحلية إِلَى عكا ويرتب أحوالها فأشاروا عَلَيْهِ أَن لَا يفعل فَإِن العساكر إِذا فارقتنا نبقى فِي عدَّة يسيرَة والفرنج كلهم بصور وَهَذِه مخاطرة عَظِيمَة فَلم يلْتَفت وودع أَخَاهُ والعسكر بعسقلان ثمَّ سرنا على السَّاحِل طالبي عكا وَكَانَ الزَّمَان شتاء عَظِيما وَالْبَحْر هائجا هيجانا عَظِيما وموجه كالجبال كَمَا قَالَ الله تَعَالَى وَكنت حَدِيث عهد بِرُؤْيَة الْبَحْر فَعظم أَمر الْبَحْر عِنْدِي حَتَّى خيل لي أنني لَو قَالَ لي قَادر لَو جزت فِي الْبَحْر ميلًا وَاحِدًا مَلكتك الدُّنْيَا لما كنت أفعل واستخففت رَأْي من يركب الْبَحْر رَجَاء كسب دِينَار أَو دِرْهَم واستحسنت رَأْي من لَا يقبل شَهَادَة رَاكب الْبَحْر
هَذَا كُله خطر لي لعظم الهول الَّذِي شاهدته من حَرَكَة البحروتموجه فَبينا أَنا فِي ذَلِك إِذْ الْتفت إِلَيّ وَقَالَ فِي نَفسِي أَنه مَتى يسر الله تَعَالَى فتح بَقِيَّة السَّاحِل قسمت الْبِلَاد وأوصيت وودعت وَركبت هَذَا الْبَحْر إِلَى جزائرهم أتتبعهم فِيهَا حَتَّى لَا أُبْقِي على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute