فقد أنْفق الْمولى مَال مصر فِي فتح الشَّام وَأنْفق مَال الشَّام فِي فتح الجزيرة وَأنْفق مَال الْجَمِيع فِي فتح السَّاحِل وَينْفق إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَال الْقُسْطَنْطِينِيَّة فِي فتح رُومِية والملوك كلهم وكلاؤه وأمناؤه على خزائنهم إِلَى أَن يسلموها إِلَيْهِ فيشكره الله على مَا أخرجه فِي سَبِيل الله مِنْهَا ويمقتهم على مَا كنزوه من ذهبها وفضتها فَلَا يكن فِي صدر الْمولى حرج وَلَا فِي خلقه فَإِن الله سُبْحَانَهُ لَا يضيق رزقا على يَده الْكَرِيمَة لَا سِيمَا وَقد أجْرى عَلَيْهَا أرزاق خلقه
وَمِنْهَا يُنْهِي وُصُول رَسُول ملك الرّوم بِمَا فِي صحبته من هَدِيَّة وَبِمَا على لِسَانه من رِسَالَة وَبِمَا على يَده من كتاب وَحضر بَين يَدي الْملك الْعَادِل وَجرى من الْمُفَاوضَة مَا زبدته امتنان الْملك بِكَوْنِهِ لم يجب رَسُول ملك الألمان وَصَاحب صقلية وَغَيرهم من جيوش الفرنج إِلَى الْمُوَافقَة على حَرْب السُّلْطَان وَإِطْلَاق طريقهم وَامْتنع وسد الدربندات وَحفظ عَلَيْهِم الطّرق ووصى أَرْبَاب الْحُصُون بالتيقظ لَهُم وَالْمَنْع دونهم وَجعل عذره لملتمسي مُوَافَقَته أَن الْبِلَاد فِي هَذِه السّنة غَالِيَة السّعر والمصلحة تَقْتَضِي أَن لَا تكون الْحَرَكَة إِلَّا بِقُوَّة وعَلى تمكن من الْميرَة وتؤخر الْحَرَكَة إِلَى السّنة الْأُخْرَى