للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم عن الأجود" إلى قوله: "وأنا أجود ولد آدم" الحديث، فدل هذا الحديث على أنه - صلى الله عليه وسلم - أجود ولد آدم على الإطلاق وأفقههم وأعلمهم وأشجعهم وأكملهم في جميع الأوصاف الحميدة، وكان جوده - صلى الله عليه وسلم - بجميع أنواع الجود من بذل للعلم والمال وبذل نفسه للّه تعالى في إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم وتحمل أثقالهم، ولم يزل - صلى الله عليه وسلم - على هذه الخصال الحميدة منذ نشأته وكان جوده - صلى الله عليه وسلم - كلّه للّه وفي ابتغاء مرضاته، فإنه كان يبذل المال إما لفقير محتاج أو ينفقه في سبيل اللّه أو يتألفه على الإسلام من يتقوى الإسلام بإسلامه، وكان يؤثر على نفسه وأهله وأولاده فيعطي عطاء تعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء فيأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار، وربما ربط على بطنه الحجر من الجوع، وكان جوده - صلى الله عليه وسلم - يتضاعف في شهر رمضان على غيره من الشهور، واللّه أعلم، قاله ابن رجب (١).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأجودكم من بعدي رجل علم علمًا فنشر علمه يُبعث يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وحدَه" الأُمَّة الرَّجُلُ المنْفرِدُ بِدِينٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ}. وَفِيهِ "لولَا أنَّ الكِلاب أُمَّة تُسَبِّح لأمَرْت بقَتْلِهَا"، يُقَالُ لِكُلِّ جِيل مِنَ النَّاسِ وَالْحَيَوَانِ أُمة، قاله صاحب النهاية (٢).

١٩١ - وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك - رضي الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أَلا أخْبركُم عَن الأجود الأجود اللّه الأجود الأجود وَأَنا أَجود ولد آدم وأجودكم من بعدِي


(١) لطائف المعارف (ص ١٦٣ - ١٦٤).
(٢) النهاية (١/ ٦٨).