فزت ورب الكعبة ثم بادر وخرج هاربا من المسجد وسقط علي - رضي الله عنه - كما به وتسامع الناس بذلك وقالوا قتل أمير المؤمنين فأقام الحسن - رضي الله عنه - وصلى بالناس ركعتين خفيفتين وأمسك عبد الرحمن فلما حضر بين يدي علي وجعل الناس يلطمون خده من كلّ ناحية فقال له علي - رضي الله عنه - ويحك يا أخا مراد بئس الأمير كنت لك قال لا يا أمير المؤمنين قال: ويحك ما حملك على أن فعلت ما فعلت فسكت فقال: علي - رضي الله عنه - وكان أمر الله قدرا مقدورا ثم أمر بحبسه وقال: إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني وحثهم على إطعامه فلما أحس من نفسه الموت جمع بنيه ووصى وصيته المعروفة فلما فرغ من الوصية قال: السَّلام عليكم ورحمت اللّه وبركاته ثم لم يتكلم إلا لا إله إلا الله حتى توفي فلما مات غسله الحسن والحسين وولده محمد بن الحنفية أمه خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية من سبي اليمامة يصب الماء ثم كفن وحنط وحمل وصلى عليه ابنه الحسن وكان عنده فضل من حنوط رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أوصى أن يحنط به ودفن في جوف الليل بالغربي وقيل بين منزله وبين المسجد الأعظم واللّه أعلم أي ذلك كان ولعل الحكمة في دفنه ليلا خشية عليه من الخوارج أن يفعلوا به شيئًا يكاد به.
تنبيه: وأبهم قبر علي - رضي الله عنه - وفي ذلك إشارة إلهية أعني إبهام قبره حماية له من ضلال المتولين له واتخاذ قبره وثنا يعبد من دون الله ففي إخفائه رحمة لهم والله أعلم وكان عند علي - رضي الله عنه - يوم قتل أربع نسوة حرائر في نكاحه وهن أمامة بنت العاص بن الربيع بن عبد شمس بنت زينب بنت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - تزوجها بعد خالتها البتول فاطمة - رضي الله عنها - وليلى بنت مسعود التميمة وأسماء بنت