للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعلم سبحانه وتعالى أنها ستقع في أوقاتها معلومة عنده سبحانه وتعالى، وخالفت القدرية هذا وزعمت أنه سبحانه وتعالى لم يقدرها، ولم يتقدم علمه بها وأنها مستأنفة العلم، أي: إنما علمها سبحانه وتعالى بعد وقوعها، وكذبوا على الله تعالى، وتعالى الله عن إفكهم علوًا كبيرًا (١).

قال الخطابي (٢): القدرية يضيفون الخير إلى الله تعالى والشر إلى غيره، ولذلك سماهم النبي - صلى الله عليه وسلم - مجوسًا لمشابهة مذهبهم مذهب المجوس القابلين بالأهين اثنين، فالقدر سر من أسرار الله تعالى ضربت دونه الأستار، اختص به العليم الخبير، وحجبة عن عقول الخلق ومعارفهم لما علمه من الحكمة، وقد طوي الله علم القدر عن العالم فلا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب، قال النووي (٣): المراد بالقدر هنا القدر المعروف، وهو: ما قدره الله تعالى وقضاه وسبق به علمه وإرادته، انتهى، قاله في الديباجة.

تتمة: روى البيهقي في كتاب الشهادات (٤) عن الربيع قال: سئل الشافعي عن القدر، فأنشأ يقول:

مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أَشَأْ ... وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ

خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ ... فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَالْمُسِنْ


(١) شرح النووي على مسلم (١/ ١٥٤).
(٢) معالم السنن (٤/ ٣١٧).
(٣) شرح النووي على مسلم (١٦/ ٢٠٥).
(٤) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٠/ ٣٤٨ - ٣٤٩ رقم ٢٠٨٩٦).