للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالقوة المتقدمة بمنزلة الحسنات والمرض بمنزلة الذنوبة والصحة والعافية بمنزلة التوبة سواء بسواء، وكما أن من المرضى من لا تعود إليه صحته أبدا لضعف عافيته ومنهم من تعود كما كانت لتقاوم الأسباب وتدافعها وعود البدن إلى كماله الأول؛ ومنهم من يعود أصح مما كان وأقوى والله أعلم قاله ابن قيم الجوزية (١).

فائدة: فينبغي أن يحترز الإنسان من إظهار عمله من جهاد وغيره إلا أن يخلص له نية يثق بها في التحدث به لمن يعلم أنه يقتدى به أو يزيد في قلبه قوة وجرأة وسماحة مثل أن يذكر عن نفسه أنه ثبت لكذا وكذا فارس وأنفق في سبيل الله وخاطر بنفسه في كذا وكذا ونحو ذلك فيقوي قلبه قلب السامع ويجود بماله وبنفسه ويزيد عن قلبه ظلمة الجبن والبخل لأن النفوس مجبولة على التجرئ والتشبه بالأقران ويبني الزمان، وهذا كان قصد السلف رضي الله عنهم في ذكر ما يحكونه من أفعالهم مع أنه إن وجد مقصوده في الاقتداء يحصل بعزو ذلك الفعل إلى من لا يسميه وذلك مثل أن تقول اتفق لبعض الغزاة كذا أو لبعض من أدركناه كذا أو رأيت شخصا وقع له كذا وكذا أو اعرف شخصا جرى له كذا وكذا ونحو هذه العبارات مما لا يفهم المخاطب أنه هو الفاعل ويحصل به المقصود من الاقتداء ونحوه وقد كان أكثر السلف رضي الله عنهم يجتهدون على إخفاء أعمالهم مطلقا وإن ظنوا أنهم يقتدى بهم فيها لعدم ثقة المرء بنفسه في أكبر الأحوال فإن الرياء كما جاء في الحديث


(١) الوابل الصيب (ص ١١ - ١٣).