للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفطرة ما أخذ عليهم في أصلاب أبائهم فتقع الولادة عليها، وقيل: هي ما قضى عليه من السعادة أو الشقاوة ويصير إلها، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه ويشركانه" فقال رجل: يا رسول الله أرأيت لو مات قبل ذلك؟ قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" وفي رواية: "ما من مولود إلا وهو على هذه الملة"، وفي رواية العلاء عن ابنه عن أبي هريرة: "كل إنسان تلده أمه على الفطرة وأبواه بعد يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه إن كانا مسلمين فمسلم" كل هذه الروايات في مسلم، وبعضها متفق عليه، والأصح أن معنى الفطرة أن كل مولود يولد متهيئا للإسلام من كان أبواه أو أحدهما استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا وإن كانا كافرين جرى عليه حكمهما يتبعهما فيها، وهذا معنى "يهودانه وينصرانه ويمجسانه" أي: يحكم له بحكمها في الدنيا فإن بلغ استمر حكم الكفر فإن تاب سبقت له سعادة أسلم وإلا مات على كفره (١).

واعلم أن قوله في حديث الفطرة وفاته معنى: يمجسانه، فإن المجوسي والمشرك يطلقان على من لا كتاب له، والصحيح أن الإشراك يشمل الجميع فكل كافر مشرك، ويدل عليه قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٢) الآية، فلو كان الكتابي لا يسمي مشركا لدخل في


(١) طرح التثريب (٧/ ٢٢٥ - ٢٢٦).
(٢) سورة النساء، الآية: ٤٨.