تنبيه: قال بعض العلماء: قوله: هي أختي فقد بين أنه أراد أخوة الإسلام وعلى هذا إشكال ما زال يختلج في نفسي وهو أن يقال ما معنى توريته عن الزوجة بالأخت، ومعلوم أن ذكرها بالزوجة أسلم لها لأنه إذا قال هي أختي قال زوجنيها، فإذا قال امرأتي سكت هذا إذا كان الملك يعمل بالشرع، فأما إذا كان كما وصف من جوره ومد يده إليها ظلمًا فما يبالي [أكانت] زوجة أو أختا وما زلت أبحث عن هذا وأسأل فلم أجد أحدًا يشفي بجواب إلى أن وقع لي أن القوم كانوا على دين المجوس وفي دينهم أن الأخت إذا كانت زوجة كان أخوها الذي هو زوجها أحق بها من غيره فكأن الخليل -عليه السلام- أراد أن يستعصم من الجبار بذكر الشرع الذي يستعمله الجبار فإذا الجبار لا يراعي جانب دين فنظر الله عز وجل إلى خليله بلطفه فكف يد الفاجر وقد اعترض على هذا فقيل إنما جاء بمذهب المجوس زرادشت وهو متأخر عن زمان الخليل، فالجواب أن لمذهب القوم أصلا قديما فادعاه زرادشت وزاد عليه وقد كان نكاح [الأخوات] جائزا من زمن آدم.
وقيل إنما حرمه موسى -عليه السلام- ويدل على أن دين المجوس له أصل ما روى أبو داود في سننه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ الجزية من مجوس هجر ومعلوم أن الجزية لا تؤخذ إلا ممن له كتاب أو [شبهة] كتاب ثم سألت عن هذا بعض علماء أهل الكتاب فقال كان من مذهب القوم أنه من كان له زوجة لا يجوز أن يتزوج بها إلا أن يقتل الزوج فعلم إبراهيم -عليه السلام- هذا فقال عن سارة أختي فكأنه يقول إن كان الملك عادلا فخطبها مني أمكنني منعه وإن كان ظالما