للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وواحدة في شأن سارة وهو قوله: إن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام. قال الإمام المازري: أما الكذب فيما طريقه البلاغ عن الله تعالى فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون منه سواء قليله وكثيره. قال القاضي عياض (١): الصحيح أن الكذب فيما يتعلق بالبلاغ لا يتصور وقوعه منهم سواء جوزنا وقوع الصغائر منهم أم لا وسواء قل الكذب أم كثر لأن منصب النبوءة يرتفع عنه وتجويزه يرفع الوثوق بأقوالهم.

وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: ثنتين في ذات الله تعالى وواحدة في شأن سارة، فمعناه أن الكذبات المذكورة إنما هي بالنسبة إلى فهم المخاطب والسامع، وأما في نفس الأمر فليست كذبا مذموما لوجهين: أحدهما أنه ورّى بهذا فقال في سارة: أختي في الإسلام وهو صحيح في باطن الأمر.

والوجه الثاني أنه [لو] (٢) كان كذبا لا تورية فيه لكان جائزًا في دفع الظالم، وقد اتفق الفقهاء على أنه لو جاء ظالم يطلب إنسانا مختفيا ليقتله أو يطلب وديعة للإنسان ليأخذها غصبا وسأل عن ذلك وجب على من علم ذلك إخفاؤه وإنكار العلم به وهذا كذب جائز بل واجب لكونه في دفع الظالم فنبه -صلى الله عليه وسلم- على أن هذه الكذبات ليست داخلة في [مطلق] الكذب المذموم. قال الإمام المازري (٣) وقد تأول بعضهم هذه الكلمات وأخرجها


(١) شرح النووي على مسلم (١٥/ ١٢٤).
(٢) سقط هذا اللفظ من النسخة الهندية.
(٣) المعلم بفوائد مسلم (٣/ ٢٢٩).