وَلما بلغ النبيُّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] خمْسا وَثَلَاثِينَ سنة، وَقيل: خمْسا وَعشْرين، اجْتمعت قريشُ لِبُنيان الكعبةِ، وَالَّذِي حَملهم على ذَلِك أنّ بابَ الْكَعْبَة كَانَ بِالْأَرْضِ، وَكَانَ السَّيلُ يدْخل من أَعلَى مَكَّة حَتَّى يدْخل الْبَيْت، فانصدع، وسرق طِيبَ الكعبةِ، فخافوا أنْ ينهدم الْبَيْت. وَرُوِيَ أنّ سَبَب انهدامِها أَنّ امْرَأَة جَاءَت بِمجمرة تجمِّر الْكَعْبَة، سقطتْ مِنْهَا شرارةٌ فتعلّقت بكسوة الْكَعْبَة فاحترقت، وَلما أَجمعُوا على هدمها قَالَ بَعضهم: لَا تُدخلوا فِي بنائها من كَسْبكم إلاّ طيِّباً مَا لم تَقطعوا فِيهِ رَحِماً / ٦ ظ. وَلم تَظلِموا فِيهِ أحدا. فَبَدَأَ الْوَلِيد بن المُغيرة بهَدْمها، وَأخذ المِعْولَ، ثمَّ قَامَ عَلَيْهَا يطْرَح الْحِجَارَة وَهُوَ يَقُول: اللَّهمَّ لم تُرَعْ إِنَّمَا نريدُ الْخَيْر. فهدَم وهَدمتْ قريشٌ.
ثمَّ أخذُوا فِي بنائها، فلمّا انْتَهوا إِلَى حَيْثُ يُوضَع الركنُ من الْبَيْت قَالَت كلُّ قَبيلَة: نَحن أحقُّ بِوَضْعِهِ. وَاخْتلفُوا حَتَّى همّوا بِالْقِتَالِ، وقرَّبت بَنو عبد الدَّار جَفْنةً مَمْلُوءَة دَمَاً، ثمَّ تعاقدوا هم وَبَنُو عَديّ على الْمَوْت، وأدخلوا أيديَهم فِي ذَلِك الدَّم فِي تِلْكَ الجَفْنة، فسُمُّوا " لَعَقة الدَّم " ثمَّ اتّفقوا على أنْ يجْعَلُوا بَينهم أَوّل مَنْ يدْخل من بَاب بني شَيبةَ، يقْضِي بَينهم، فَكَانَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أوَّلَ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute