هَذَا الرَّجُلَ أَهَرَقْنَا دَمًا بَغَيْرِ حَقِّهِ فَادْفَعْنَا إِلَى أَهْلِ الدَّمِ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ أَهَرَاقُوا دَمًا بِغَيْرِ حَقه فَقَالَ عَمْرٌو لَا وَلَا قَطْرَةً وَاحِدَةً مِنْ دَمٍ قَالَ جَعْفَرٌ سَلْ هَذَا الرَّجُلَ آخَذْنَا أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ فَعِنْدَنَا قَضَاءٌ وَاحْتِسَابٌ قَالَ النَّجَاشِيُّ يَا عَمْرُو إِنْ كَانَ عَلَى هَؤُلَاءِ قِنْطَارٌ مِنْ ذَهَبٍ فَهُوَ عَلَيَّ فَقَالَ عَمْرٌو وَلَا قِيرَاطٌ قَالَ النَّجَاشِيُّ فَمَا تَطْلُبُونَهُمْ بِهِ قَالَ عَمْرٌو كُنَّا نَحْنُ وَهُمْ عَلَى دِينٍ وَاحِدِ وَأَمْرٍ وَاحِدٍ فَتَرَكُوهُ وَلَزِمْنَاهُ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ مَا هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ عَلَيْهِ فَتَرَكْتُمُوهُ وَتَبِعْتُمْ غَيْرَهُ فَقَالَ جَعْفَرٌ أَمَّا الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ فَدِينُ الشَّيْطَانِ وَأَمْرُ الشَّيْطَانِ كُنَّا نَكْفُرُ بِاللَّهِ وَنَعْبُدُ الْحِجَارَةَ وَأَمَّا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ فَدِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نُخْبِرُكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولًا كَمَا بَعَثَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا فَأَتَانَا بِالصِّدْقِ وَالْبِرِّ وَنَهَانَا عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَّنَا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ فَلَمَّا فَعَلْنَا ذَلِكَ عَادَانَا قَوْمُنَا وَأَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيَّ الصَادِقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَّنَا فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَفَرَرْنَا إِلَيْكَ بِدِينِنَا وَدِمَائِنَا وَلَوْ أَقَرَّنَا قَوْمُنَا لَاسْتَقْرَرْنَا فَذَلِكَ خَبَرُنَا وَأَمْرُنَا
وَأَمَّا شَأْنُ التَّحِيَّةِ فَقَدْ حَيَّيْنَاكَ بِتَحِيَّةِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي يُحَيِّي بِهِ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضِ خَبَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلَامُ فَحَيَّيْنَاكَ بِالسَّلَامِ
وَأَمَّا السُجُودُ فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَسْجُدَ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ نَعْدِلَكَ بِاللَّهِ
وَأَمَّا شَأْنُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ عَلَى نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مَنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَوَلَدَتْهُ مَرْيَمُ الصِّدِّيقَةُ الْعَذْرَاءُ الْبَتُولُ الْحَصَانُ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَهُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ فَهَذَا شَأْنُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ
فَلَمَّا سَمِعَ النَّجَاشِيُّ قَوْلَ جَعْفَرٍ أَخَذَ بِيَدِهِ عُودًا ثُمَّ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ صَدَقَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ وَصَدَقَ نَبِيُّهُمْ وَاللَّهِ مَا يَزِيدُ عِيسَى عَلَى مَا يَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ وَزْنَ هَذَا الْعُودِ وَقَالَ لَهُمُ امْكُثُوا فَأَنْتُمْ سُيُومُ وَالسُّيُومُ الْآمِنُونَ فَقَدْ مَنَعَكَمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَرَ لَهُمْ بِمَا يَصْلُحُهُمْ ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ أَيُّكُمْ أَدْرَسُ لِلْكِتَابِ الَّذِي أُنزِلَ عَلَى نَبِيِّكُمْ فَقَرَأَ جَعْفَرٌ سُورَةَ مَرْيَمَ فَلَمَّا سَمِعَهَا عَرَفَ أَنَّهُ الْحَقُّ فَقَالَ زِدْنَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الطَّيِّبِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةً أُخْرَى قَالَ جَعْفَرٌ قَدْ سَمِعْتُ النَّصَارَى يقرؤنها فَتَفِيضُ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمْعِ فَلَمَّا سَمِعَهَا عَرَفَ أَنَّهُ الْحَقُّ وَقَالَ صَدَقْتُمْ وَصَدَقَ نَبِيُّكُمْ أَنْتُمْ وَاللَّهِ الصِّدِّيقُونَ امْكُثُوا بِسْمِ اللَّهِ وَبَرَكَتِهِ آمِنِينَ مَمْنُوعِينَ وَأُلْقِيَ عَلَيْهِمُ الْمَحَبَّةُ مِنَ النَّجَاشِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute