وَمن بديع كراماته ماحكاه ابْن الْجَوْزِيّ والرامهرمزي وَغَيرهمَا عَن شَقِيق الْبَلْخِي أَنه خرج حَاجا سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة فَرَآهُ بالقادسية مُنْفَردا عَن النَّاس فَقَالَ فِي نَفسه هَذَا فَتى من الصُّوفِيَّة يُرِيد أَن يكون كلا على النَّاس لأمضين إِلَيْهِ ولأوبخنه فَمضى إِلَيْهِ فَقَالَ يَا شَقِيق اجتنبوا كثيرا من الظَّن إِن بعد الظَّن إِثْم الحجرات ١٢ الْآيَة فَأَرَادَ أَن يحالله فَغَاب عَن عَيْنَيْهِ فَمَا رَآهُ إِلَّا بواقصة يُصَلِّي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تتحادر فجَاء إِلَيْهِ ليعتذر فَخفف فِي صلَاته وَقَالَ {وَإِنِّي لغفار لمن تَابَ وآمن} طه ٢٨ الْآيَة فَلَمَّا نزلُوا زبالة رَآهُ على بِئْر فَسَقَطت ركوته فِيهَا فَدَعَا فطغى المَاء لَهُ حَتَّى أَخذهَا فَتَوَضَّأ وَصلى أَربع رَكْعَات ثمَّ مَال إِلَى كثيب رمل فَطرح مِنْهَا فِيهَا وَشرب فَقَالَ لَهُ أَطْعمنِي من فضل مَا رزقك الله تَعَالَى
فَقَالَ يَا شَقِيق لم تزل نعم الله علينا ظَاهِرَة وباطنة فَأحْسن ظَنك بِرَبِّك فناولنيها فَشَرِبت مِنْهَا فَإِذا سويق وسكر مَا شربت وَالله ألذ مِنْهُ وَلَا أطيب ريحًا فشبعت وَرويت وأقمت أَيَّامًا لَا أشتهي شرابًا وَلَا طَعَاما ثمَّ لم أره إِلَّا بِمَكَّة وَهُوَ بغلمان وغاشية وَأُمُور على خلاف مَا كَانَ عَلَيْهِ بِالطَّرِيقِ
وَلما حج الرشيد سعي بِهِ إِلَيْهِ وَقيل لَهُ إِن الْأَمْوَال تحمل إِلَيْهِ من كل جَانب حَتَّى اشْترى ضَيْعَة بِثَلَاثِينَ ألف دِينَار فَقبض عَلَيْهِ وأنفذه لأميره بِالْبَصْرَةِ عِيسَى بن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute