٦٢٤٤ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
لَمْ أَعْقِلْ أبويَّ ـ قطُّ ـ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ لَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ـ بُكْرَةً وعَشِيًّا ـ فلما ابتُلِيَ المسملون خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ ـ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ ـ مُهاجراً قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ فلقيهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ ـ سيِّدُ القارَةِ ـ فَقَالَ: أَيْنَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي فأَسِيحُ فِي الْأَرْضِ وأعبدُ رَبِّي فَقَالَ لَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ! لَا يُخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وتَصِلُ الرَّحِمَ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتَحْمِلُ الكّلَّ وتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ وَأَنَا لَكَ جارٌ فارتحلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ ورجعَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ فَقَالَ لَهُمْ ـ وَطَافَ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ ـ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ مِثْلُهُ إِنَّهُ يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ويَصِلُ الرَّحِمَ ويحملُ الكَلَّ ويَقري الضَّيْفَ ويُعين عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ! فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوار ابْنِ الدَّغِنَةِ فأمَّنوا أَبَا بَكْرٍ وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَعْبُدَ ربَّهُ فِي دَارِهِ ⦗٩٤⦘ ويُصلي مَا شَاءَ وَيَقْرَأَ مَا شَاءَ وَلَا يُؤذِينَا وَلَا يستعْلِنَ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ فَفَعَلَ أبو بكر ذَلِكَ ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دارِهِ فَكَانَ يُصلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فيقفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ فَيَعْجَبُون مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ رَجُلًا بكَّاءً لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: إِنَّمَا أَجَرْنا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَعْبُدَ ربه في داره وإنه ابنتنى مَسْجِدًا وَإِنَّهُ أَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ وَإِنَّا خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَأْتِهِ فقُلْ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ فليَرُدَّ عَلَيْنَا ذِمَّتَكَ فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نُخْفِرَ ذِمَّتَكَ وَلَسْنَا بِمُقِرِّين لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ! فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تُرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي عَقْدِ رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ! قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي أَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ وَجِوَارِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يومئد بِمَكَّةَ ـ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ:
(أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُم أُرِيتُ سَبَخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بين لَابَيَتْنِ ـ وَهُمَا حَرَّتان ـ) فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وتجهَّز أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤذن لِي) فقال: فداك أبي وأمي أَوَترجو ذَلِكَ؟ قَالَ: ⦗٩٥⦘
(نَعَمْ) فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ نَفْسَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِصَحَابَتِهِ وعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ ـ كَانَتَا لَهُ ـ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ـ قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ ـ: إِذْ قَائِلٌ يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقبلاً مُتَقَنِّعاً فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدًى لَهُ أَبِي وَأُمِّي إِنْ جَاءَ بِهِ هَذِهِ السَّاعَةُ لأمرٌ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنَ فأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
(يَا أَبَا بَكْرٍ أخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُم أهْلُك قَالَ:
(فَنَعَمْ) قَالَ:
(قَدْ أُذِنَ لِي) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالصُّحْبَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(نَعَمْ) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَخُذْ إِحْدَى راحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ فَقَالَ:
(نَعَمْ ـ بِالثَّمَنِ ـ) قَالَتْ: فجهَّزناهما أحثَّ الْجِهَازِ وَصَنَعْنَا لَهُمَا سَفْرَةً فِي جِرَابٍ فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ مِنْ نِطاقها وَأَوْكَتْ بِهِ الجِرَابَ ـ فَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسمى ذَاتَ النِّطَاقِ ـ فَلَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ ـ يُقَالُ لَهُ: ثَوْرٌ ـ فَمَكَثْنَا فِيهِ ثلاث ليال
= (٦٢٧٧) [٤٦: ٥]
[تعليق الشيخ الألباني]
صحيح: خ ـ ((مختصر البخاري)).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute