مَذَاهِب الْمُسلمين فِي إِقَامَة الْحَد إِنَّمَا ينخلع بالأحداث الَّتِي ذَكرنَاهَا من قبل فَقَط
فَأَما حربهما لَهُ على ذَلِك فَإِنَّهُ اجْتِهَاد مِنْهُمَا وَمَا أداهما الرَّأْي إِلَيْهِ وهما من أهل الْفِقْه والرأي وَكَذَلِكَ عَائِشَة
فَمن النَّاس من يَجْعَل هَذِه الْمَسْأَلَة من مسَائِل الِاجْتِهَاد وَيَقُول إِن كل مُجْتَهد نصيب كإصابتهم فِي سَائِر مسَائِل الْأَحْكَام وَمِنْهُم من يَقُول إِن الْحق مِنْهَا فِي وَاحِد وَهُوَ رَأْي عَليّ وَقَوله وَإِن مخالفه مخطىء فِي الِاجْتِهَاد خطأ لَا يبلغ بِهِ الْإِثْم والفسوق بل الْإِثْم عَنهُ مَوْضُوع
وَمِنْهُم من يقطع بصواب أَمِير الْمُؤمنِينَ وَخطأ من خَالفه ونازعه وَأَنه مغْفُور لَهُ وَمِنْهُم من يَقُول إِنَّهُم تَابُوا من ذَلِك ويستدل بِرُجُوع الزبير وَنَدم عَائِشَة إِذا ذكرُوا لَهَا يَوْم الْجمل وبكائها حَتَّى تبل خمارها وَقَوْلها وددت أَن لَو كَانَ لي عشرُون ولدا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلهم مثل عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام وَأَنِّي ثكلتهم وَلم يكن مَا كَانَ مني يَوْم الْجمل وَقَوْلها لقد أحدقت بِي يَوْم الْجمل الأسنة حَتَّى صرت على الْبَعِير مثل اللجة
وَالْمُعْتَمد عِنْدهم فِي ذَلِك قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عشرَة من قُرَيْش فِي الْجنَّة) وعد فيهم طَلْحَة وَالزُّبَيْر قَالُوا وَلم يكن ليخبر بذلك إِلَّا عَن علم مِنْهُ بِأَنَّهُمَا سيتوبان مِمَّا أحدثاه ويوافيان بالندم والإقلاع