للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي غَيره وَأَنه كلم مُوسَى بِكَلَام خلقه فِي الشَّجَرَة فَكلم جِبْرِيل بِكَلَام خلقه فِي الْهَوَاء وَاتفقَ أَئِمَّة السّلف على أَن كَلَام الله منزل غير مَخْلُوق مِنْهُ بَدَأَ واليه يعود قَالَ وَمعنى قَوْلهم مِنْهُ بَدَأَ أَي هُوَ الْمُتَكَلّم بِهِ لم يخلقه فِي غَيره كَمَا قَالَت الْجَهْمِية وَمن وافقهم من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم بِأَنَّهُ بَدَأَ من بعض الْمَخْلُوقَات وَأَنه سُبْحَانَهُ لم يقم بِهِ كَلَام قَالَ وَلم يرد عَن السّلف أَنه كَلَام فَارق ذَاته فان الْكَلَام وَغَيره من الصِّفَات لَا يُفَارق الْمَوْصُوف بل صفة الْمَخْلُوق لَا تُفَارِقهُ وتنتقل الى غَيره فَكيف صفة الْخَالِق تُفَارِقهُ وتنتقل إِلَى غَيره وَلِهَذَا قَالَ الامام أَحْمد كَلَام الله لَيْسَ بَائِن مِنْهُ قَالَ شيخ الاسلام وَمعنى قَول السّلف واليه يعود مَا جَاءَ فِي الْآثَار أَن الْقُرْآن يسرى بِهِ حَتَّى لَا يبْقى فِي الْمَصَاحِف مِنْهُ حرف وَلَا فِي الْقُلُوب مِنْهُ أَيَّة وَمَا جَاءَت بِهِ الاثار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان وَغَيرهم من أَئِمَّة الْمُسلمين كالحديث الَّذِي رَوَاهُ الامام احْمَد فِي (الْمسند (وَكتبه الى المتَوَكل فِي رسَالَته الَّتِي أرسل بهَا اليه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (مَا تقرب الْعباد الى الله بِمثل مَا خرج بِهِ (يَعْنِي الْقُرْآن وَفِي لفظ (أحب اليه مِمَّا خرج مِنْهُ (وَقَول أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ لما سمع كَلَام مُسَيْلمَة إِن هَذَا كَلَام لم يخرج من إل أَي من رب وَقَول ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لما سمع قَائِلا يَقُول لمَيت لما وضع فِي لحده اللَّهُمَّ رب الْقُرْآن اغْفِر لَهُ فَالْتَفت اليه ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ مَه الْقُرْآن كَلَام الله لَيْسَ بمربوب مِنْهُ بَدَأَ واليه يعود وَهَذَا الْكَلَام مَعْرُوف عَن ابْن عَبَّاس وَقَول السّلف الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق مِنْهُ بَدَأَ واليه يعود كَمَا استفاضت الْآثَار عَنْهُم بذلك كَمَا هُوَ مَنْقُول عَنْهُم فِي الْكتب المسطورة بِالْأَسَانِيدِ الْمَشْهُورَة

<<  <  ج: ص:  >  >>