مَسْأَلَة: فِعْلُهُ ﷺ يُخَصِّصُ الْعُمُومَ؛ كَما لو قال ﵊: "الْوِصَالُ أَوِ الاسْتِقْبَالُ لِلْحَاجَةِ"، أَوْ: "كَشْفُ الفَخِذِ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ"، ثُمَّ فَعَلَ، فَإِنْ ثَبَتَ الاِتِّبَاعُ بِخَاصٍّ، فَنَسْخٌ، وَإِنْ ثَبَتَ بِعَامٍّ، فَالْمُخْتَارُ تَخْصِيصُهُ بِالْأوَّلِ.
وَقِيلَ: الْعَمَلُ بِمُوَافِقِ الْفِعْلِ.
وَقِيلَ: بالْوَقْفِ.
الشرح: "فعله ﷺ يخصص العموم"؛ خلافًا لأبي الحسن الكرخي (١).
قال ابن السَّمعاني: ولذلك أنه لم يخصّ نهى النبي ﷺ عن استقبال القِبْلَةِ، واستدبارها للبول والغائط (٢) باستقبال رسول الله ﷺ بـ "المدينة" "بيت المقدس"، واستدباره الكعبة، وقد خصصت الصحابة قوله ﵇ في الجمع بين الجَلْدِ والرَّجم بفعله في رَجْم ماعز والغَامِدِّية من غير جَلْد (٣)، هكذا ذكر الأصحاب.
وعندي أن هذا بالنسخ أشبه.
قلت: هو كما قال الشيخ: لا [يخصص] (٤).
ومن الفوائد: نهيه ﵇ عن الوِصَالِ، ثم إنه خصّ في حقه بفعله هو إياه.
ومثّل المصنّف للتخصيص بالفعل بألفاظ [يعرض] (٥) ورودها عامّة له "كما لو قال:
(١) ينظر: الإحكام ٢/ ٣٠٦ (٨)، وميزان الأصول ١/ ٤٧٢، والبحر المحيط ٣/ ٣٨٧، والإبهاج ٣/ ١٨٠.
(٢) أخرجه البخاري ١/ ٢٩٥، كتاب الوضوء: باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول (١٤٤)، وفي ١/ ٥٩٤، كتاب الصلاة: باب قبلة أهل المدينة (٣٩٤)، ومسلم ١/ ٢٢٤، كتاب الطهارة: باب الاستطابة (٥٩/ ٢٦٤). من طريق الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري: أن النبي ﷺ قال: "إذا اتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ببول ولا غائط ولكن شرقوا أو غربوا".
أخرجه أبو داود ١/ ٣، كتاب الطهارة: باب كراهية استقبال القبلة (٨)، وابن ماجه ١/ ١١٤، كتاب الطهارة باب الاستنجاء بالحجارة (٣١٣)، والنسائي ١/ ٣٧، كتاب الطهارة: باب النهي عن الاستطابة بالروث. من طريق محمد بن عجلان بن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا بنحو حديث الصحيحين.
(٣) أخرجه أحمد (١/ ١٢١)، والحاكم (٤/ ٣٦٥)، والطحاوي (٢/ ٨١)، والبيهقي (٨/ ٢٢٠) من طرق عن عامر الشعبي عن علي بن أبي طالب.
(٤) في ج: تخصيص.
وقال الحاكم: وهذا إسناد صحيح، ووافقه الذهبي.
(٥) في ج: يفرض.