وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي فتيا لَهُ تسمى بالأزهرية: (وَمن قَالَ: إِن الْقُرْآن عبارَة عَن كَلَام الله تَعَالَى، وَقع فِي محذورات:
أَحدهَا: قَوْلهم: " إِن هَذَا لَيْسَ هُوَ كَلَام الله "، فَإِن نفي هَذَا الْإِطْلَاق خلاف مَا علم بالاضطرار من دين الْإِسْلَام، وَخلاف مَا دلّ عَلَيْهِ الشَّرْع وَالْعقل.
وَالثَّانِي: قَوْلهم: " عبارَة "، إِن أَرَادوا: أَن هَذَا الثَّانِي هُوَ الَّذِي عبر عَن كَلَام الله الْقَائِم بِنَفسِهِ، لزم أَن يكون كل تال معبر عَمَّا فِي نفس الله، والمعبر عَن غَيره هُوَ المنشيء للعبارة، فَيكون كل قاريء هُوَ المنشيء لعبارة الْقُرْآن، وَهَذَا مَعْلُوم الْفساد بِالضَّرُورَةِ.
وَإِن أَرَادوا: أَن الْقُرْآن الْعَرَبِيّ عبارَة عَن مَعَانِيه فَهَذَا حق، إِذْ كل كَلَام، فلفظه عبارَة عَن مَعْنَاهُ، لَكِن هَذَا لَا يمْنَع أَن يكون الْكَلَام متناولا للفظ.
وَالْمعْنَى الثَّالِث: أَن الْكَلَام قد قيل: إِنَّه حَقِيقَة فِي اللَّفْظ، مجَاز فِي الْمَعْنى، وَقيل: حَقِيقَة فِي الْمَعْنى مجَاز فِي اللَّفْظ، وَقيل: بل حَقِيقَة فِي كل مِنْهُمَا.
وَالصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ السّلف وَالْأَئِمَّة: أَنه حَقِيقَة فِي مجموعهما، كَمَا أَن الْإِنْسَان، قيل: هُوَ حَقِيقَة فِي الْبدن فَقَط، وَقيل: بل فِي الرّوح فَقَط، وَالصَّوَاب: أَنه حَقِيقَة فِي الْمَجْمُوع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute