الثَّانِي: أَن الْكَلَام مُشْتَقّ من الْكَلم، لتأثيره فِي نفس السَّامع، والمؤثر فِي نفس السَّامع إِنَّمَا هُوَ الْعبارَات، لَا الْمعَانِي النفسية بِالْفِعْلِ، نعم هِيَ مُؤثرَة للفائدة بِالْقُوَّةِ والعبارة مُؤثرَة بِالْفِعْلِ، فَكَانَت أولى بِأَن تكون حَقِيقَة، وَمَا يكون مؤثرا بِالْقُوَّةِ مجَازًا.
قَوْلهم: اسْتعْمل لُغَة وَعرفا فيهمَا.
قُلْنَا: نعم لَكِن بالاشتراك، أَو بِالْحَقِيقَةِ فِيمَا ذَكرْنَاهُ، وَالْمجَاز فِيمَا ذكرتموه، وَالْأول مَمْنُوع.
قَوْلهم: الأَصْل فِي الْإِطْلَاق الْحَقِيقَة.
قُلْنَا: وَالْأَصْل عدم الِاشْتِرَاك، ثمَّ قد تعَارض الْمجَاز والاشتراك الْمُجَرّد، وَالْمجَاز أولى، ثمَّ إِن لفظ الْكَلَام أَكثر مَا اسْتعْمل فِي الْعبارَات، وَكَثْرَة موارد الِاسْتِعْمَال تدل على الْحَقِيقَة.
وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ فِي أنفسهم} [المجادلة: ٨] فمجاز، لِأَنَّهُ إِنَّمَا دلّ على الْمَعْنى النَّفْسِيّ بِالْقَرِينَةِ، وَهِي قَوْله: {فِي أنفسهم} ، وَلَو أطلق لما فهم إِلَّا الْعبارَة، وَكَذَلِكَ كل مَا جَاءَ من هَذَا الْبَاب إِنَّمَا يُفِيد مَعَ الْقَرِينَة، وَمِنْه قَول عمر - رَضِي الله عَنهُ -: (زورت فِي نَفسِي كلَاما) ، إِنَّمَا أَفَادَ ذَلِك بِقَرِينَة قَوْله: (فِي نَفسِي) .
وَأما قَوْله تَعَالَى: {وأسروا قَوْلكُم أَو اجهروا بِهِ} [الْملك: ١٣] ، فَلَا حجَّة فِيهِ، لِأَن الْإِسْرَار نقيض الْجَهْر، وَكِلَاهُمَا عبارَة، إِحْدَاهمَا أرفع صَوتا من الْأُخْرَى.
وَأما الشّعْر فَهُوَ للأخطل، وَيُقَال: إِن الْمَشْهُور فِيهِ: إِن الْبَيَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute