ثمَّ إِنَّه لَا علاقَة بَين الْمجَازِي والحقيقي هَهُنَا إِلَّا المسببية والسببية، وَهَذِه العلاقة لَيست مَوْجُودَة بَين الْمَعْنى الْمجَازِي الَّذِي هُوَ المَال الْمُطلق وَالْقطع، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَالْمُطلق) أَي وَالْمَال الْمُطلق الَّذِي يُمكن إثْبَاته بِالْإِقْرَارِ (لَيْسَ مسببا عَنهُ) أَي عَن الْقطع (وَله) أَي لأبي حنيفَة (أَنه) أَي التَّجَوُّز (حكم لغَوِيّ يرجع للفظ) أَي إِلَى اللَّفْظ (هُوَ) أَي الحكم (صِحَة اسْتِعْمَاله) أَي اللَّفْظ (لُغَة فِي معنى) مجازى (بِاعْتِبَار صِحَة اسْتِعْمَاله) أَي اللَّفْظ (فِي) معنى (آخر وضعي) أَي حَقِيقِيّ (لمشاكلته) مُتَعَلق بِصِحَّة الِاسْتِعْمَال: أَي لمشاكلة ذَلِك الْمَعْنى الْمجَازِي للمعنى الوضعي بِاعْتِبَار العلاقة المصححة للتجوز (ومطابقته) أَي وَكَون الوضعي مطابقا للْوَاقِع (لَيست جُزْء الشَّرْط) أَي جُزْء شَرط الِاسْتِعْمَال فِي الْمَعْنى الْمجَازِي (فَكل) من اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل حَقِيقَة، والمستعمل مجَازًا (أصل فِي إِفَادَة حكمه) وَإِن كَانَ الثَّانِي فرعا للْأولِ بِاعْتِبَار الِاسْتِعْمَال لُغَة (فَإِذا تكلم) الْمُتَكَلّم بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور (وَتعذر) الْمَعْنى (الْحَقِيقِيّ وَجب مجازيته فِيمَا ذكر من الْإِقْرَار) أَي الْإِخْبَار بحريَّته لِأَنَّهَا لَازِمَة للبنوة ٠ فَتَصِير أمه أم ولد) لِأَنَّهُ كَمَا جعل إِقْرَارا بحريَّته جعل إِقْرَارا بأمومية الْوَلَد لأمه بِاعْتِبَار مَا يلْزمهَا من اسْتِحْقَاق الْحُرِّيَّة بعد الْمَوْت (وَقيل) بل وَجب مجازيته (فِي إنشائه) التَّحْرِير وإحداثه (فَلَا تصير) أم ولد لَهُ: يَعْنِي اسْتِحْقَاق الْحُرِّيَّة لَهَا إِذا كَانَت فِي ملكه، لِأَن ذَلِك يثبت مسببا عَن الْإِقْرَار لَا الْإِنْشَاء (وَالأَصَح الأول) أَي مجازيته فِي الْإِخْبَار عَن عتقه (لقَوْله) أَي مُحَمَّد (فِي) كتاب (الْإِكْرَاه إِذا أكره على هَذَا ابْني لعَبْدِهِ لَا يعْتق) عَلَيْهِ (وَالْإِكْرَاه يمْنَع صِحَة الْإِقْرَار بِالْعِتْقِ لَا إنشاءه) أَي الْإِكْرَاه لَا يمْنَع صِحَة إنْشَاء الْعتْق: فَعلم أَنه جعل قَوْله هَذَا ابْني مجَازًا فِي الْإِخْبَار بِالْعِتْقِ، وَإِلَّا لما قَالَ بِعَدَمِ الْعتْق فِيهِ (فَإِن تحقق) الْمَعْنى الْمجَازِي من الْإِقْرَار بِثُبُوت الْحُرِّيَّة (عتق مُطلقًا) أَي قَضَاء وديانة (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يتَحَقَّق بِأَن لم يكن الْإِخْبَار بِالْحُرِّيَّةِ مطابقا للْوَاقِع لعدم صُدُور التَّحْرِير مِنْهُ بعد حُدُوث الْملك (فقضاء) أَي فَعتق قَضَاء مُؤَاخذَة لَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا ديانَة (لكذبه حَقِيقَة ومجازا) أما حَقِيقَة فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْن لَهُ، كَيفَ وَهُوَ أكبر مِنْهُ، وَأما مجَازًا فَلِأَنَّهُ لم يصدر مِنْهُ تَحْرِير وَلم يَقع مَا يُوجِبهُ (إِلَّا أَنه قد يمْنَع تعين الْمجَازِي) أَي (الْعتْق لجَوَاز) إِرَادَة (معنى الشَّفَقَة) من قَوْله: هَذَا ابْني (وَدفعه) أَي دفع منع تعْيين الْمجَازِي (بتقدم الْفَائِدَة الشَّرْعِيَّة) وَهِي الْعتْق (عِنْد إمكانها) أَي الْفَائِدَة الشَّرْعِيَّة (وَغَيرهَا) يَعْنِي أَن الْحمل على مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ التَّحْرِير مُتَعَيّن لِأَنَّهُ فَائِدَة شَرْعِيَّة، بِخِلَاف الْحمل على الشَّفَقَة، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فَائِدَة شَرْعِيَّة وَإِذا تعَارض احْتِمَالَانِ فِي أجدهما فَائِدَة شَرْعِيَّة دون الآخر تعين مَا فِيهِ الْفَائِدَة لترجحه (معَارض) خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي دَفعه (بِإِزَالَة الْملك الْمُحَقق) وَالْأَصْل فِي الشَّيْء الثَّابِت الْبَقَاء (مَعَ احْتِمَال عَدمه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute