حكم كلي والحكم ههنا جزئي، قلت المراد لا إجمال في نحو هذا أي في كل محل داخل عليه بالآلة متعلقة بفعل يحتمل أن تستوعبه (خلافا لبعض الحنفية) القائلين بالإجمال فيه (لأنه لو لم يكن في مثله) أي هذا التركيب (عرف يصحح إرادة البعض كمالك) في الشرح العضدي في تعليل نفي الأعمال لها أنه لغة لمسح الرأس هو الكل، فإن لم يثبت في مثله عرف في إطلاقه على البعض اتضح دلالته في الكل للمقتضي السالم عن المعارض كما هو مذهب مالك والقاضي أبي بكر وابن جنى انتهى، يعنى أنهم ذهبوا إلى عدم ثبوته، واتضاح الدلالة في الكل لما ذكروا أنه المراد، وإليه أشار بقوله (أفاد) أي التركيب المذكور (مسح مسماه) أي مسح الرأس (وهو) أي مسماه (الكل أو كان) فيه عرف يصحح إرادة البعض منه (أفاد) التركيب حينئذ (ببعضا مطلقا) يتحقق في ضمن كل بعض، ويتبين أن المراد إنما هو الإطلاق وحصول المقصود ببعض ما: أي بعض كان (ويحصل) أي البعض المطلق (في ضمن الاستيعاب) واستيفاء الكل (وغيره) أي غير الاستيعاب (فلا إجمال) بوجه: أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فلأنه ظاهر في بعض مطلق (ثم ادعى مالك عدمه) أي عدم العرف المذكور (فلزم الاستيعاب) لما ذكر (والشافعية) أي وادعى الشافعية (ثبوته) أي ثبوت الطرف المصحح إرادة البعض (في نحو مسحت يدى بالمنديل) بكسر الميم فإنه يفهم منه عرفا مسحها ببعض المنديل، فإذا ذكر في موضع المنديل المحل: أي الرأس فهم التبعيض (أجيب بأنه) أي التبعيض (هو العرف فيما هو آلة لذلك) أي فيما كان مدخول الباء آلة الفعل، ومدخلها في الآية المحل، لا الآلة، ولا نسلم أنه إذا دخلت على المحل فهم التبعيض عرفا (والأوجه أنه) أي التبعيض فيما هو آلة لذلك (ليس للعرف) أي ليس مدلولا عرفيا (بل) يحكم به (للعلم بأنه) أي ما هو آلة يعتبر (للحاجة) وبقدرها (وهي) أي الحاجة مندفعة ببعضه أي ببعض ما هو آلة للفعل كالمنديل مثلا (فتعلم إرادته) أي إرادة البعض بهذه القرينة، لا لكون الكلام موضوعا عرفا للتبعيض في مثل ذلك التركيب (قالوا) أي الشافعية (الباء للتبعيض، أجيب بإنكاره) أي بإنكار كون الباء للتبعيض لغة (كابن جنى) بسكون الياء معرب كنى بكسر الكاف والجيم: أي لانكار ابن جني، وهو من كبار أئمة اللغة كون التبعيض من معاني الباء، (واعلم أن طائفة من المتأخرين) النحويين كالفارسي والقتيبي وابن مالك (ادعوه) أي كون الباء للتبعيض (في نحو).
(شربن بماء البحر ثم ترفعت) .... متى لجج خضر لهن نئيج
يقول شربت السحب من ماء، ثم ترفعت من لجج خضر، والحال أن لهن تصويتًا،