الْمَوْصُول مَعَ صلته مركب فِيهِ إِجْمَال لاحْتِمَال أَن يُرَاد بِهِ الزَّوْج، وَإِلَيْهِ ذهب أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لما روى الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " ولي الْعقْدَة الزَّوْج وَالْوَلِيّ " كَمَا ذهب إِلَيْهِ مَالك، وَالْمعْنَى على الأول أَن الْوَاجِب على من طلق قبل الْمَسِيس بعد تَسْمِيَة الْمهْر النّصْف " إِلَّا أَن يعفون " أَي المطلقات فَلَا يَأْخُذن شَيْئا، وَالْوَاو حِينَئِذٍ لَام الْفِعْل، وَالنُّون ضمير، أَو يعْفُو الزَّوْج عَمَّا يعود إِلَيْهِ بالتشطير، فيسوق الْمهْر إِلَيْهَا كملا، وعَلى الثَّانِي أَو يعْفُو الَّذِي يَلِي عقده نِكَاحهنَّ، وَذَلِكَ إِذا كَانَت صَغِيرَة (ومرجع الضَّمِير) مَعْطُوف على مُفْرد، وَيحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى ومرجع الضَّمِير مِنْهُ، وَذَلِكَ إِذا تقدم أَمْرَانِ يصلح لكل مِنْهُمَا كَمَا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا يمْنَع أحد جَاره أَن يضع خَشَبَة فِي جِدَاره " يحْتَمل عوده إِلَى أحدكُم، وَإِلَيْهِ ذهب أَحْمد، وَإِلَى الْجَار كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة، وَذَلِكَ إِذا كَانَ لَا يضرّهُ، وَلَا يجد الْوَاضِع بدا مِنْهُ، وَلَا يخفى أَن الْأَلْيَق بالوضعية فِي حق الْجَار الأول، وَقد سُئِلَ عَن أبي بكر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا أَيهمَا أفضل؟ فَأُجِيب من بنته فِي بَيته (وَتَقْيِيد الْوَصْف وإطلاقه فِي نَحْو طَبِيب ماهر) وَفِي الشَّرْح العضدي: وَمِنْهَا مرجع الصّفة فِي نَحْو زيد طَبِيب ماهر لتردده بَين المهارة مُطلقًا، والمهارة فِي الطِّبّ انْتهى. أَرَادَ بمرجع مَا يَئُول إِلَيْهِ فَإِنَّهُ مُتَرَدّد بَين الْوَجْهَيْنِ وَحَاصِله أَن الْوَصْف وَهُوَ ماهر مثلا مردد بَين أَن يكون مُقَيّدا بِكَوْنِهِ فِي الطِّبّ، أَو مُطلقًا بِأَن تكون مهارته فِي الطِّبّ وَغَيره، فَقَوله وَتَقْيِيد الْوَصْف مَعْطُوف على مَا عطف عَلَيْهِ مرجع الضَّمِير أَو عَلَيْهِ (وَالظَّاهِر أَن الْكل) أَي إِجْمَال كل مَا تقدم من الْمثل ونظائرها (فِي مُفْرد بِشَرْط التَّرْكِيب) لِأَن الحكم بِكَوْن اللَّفْظ مُجملا إِذا لم يكن جُزْء الْكَلَام، وطرف نِسْبَة غَيرهَا ظَاهر، لِأَنَّهُ عبارَة عَن عدم تعين المُرَاد مِنْهُ عِنْد الِاسْتِعْمَال، واستعماله إِنَّمَا يتَحَقَّق فِي التراكيب، فَإِن إِطْلَاق لفظ مُفْرد، وَإِرَادَة معنى بِهِ من غير أَن يكون مَحْكُومًا عَلَيْهِ، أَو بِهِ، أَو مُتَعَلقا بِأَحَدِهِمَا، أَو طرفا لنسبة مَا يكَاد أَن لَا يصدر من الْعَاقِل، ثمَّ فِيمَا يظنّ كَونه إِجْمَالا فِي الْمركب كَقَوْلِه تَعَالَى - {الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} - يظْهر بعد التَّأَمُّل أَنه فِي الْمُفْرد، وَهُوَ الْمَوْصُول هَهُنَا غير أَنه لَا يتم بِدُونِ الصِّلَة، فَشرط التَّرْكِيب فَتدبر (وَعِنْدهم) أَي الشَّافِعِيَّة خبر الْمُبْتَدَأ، وَهُوَ (الْمُتَشَابه) أَي اسْم الْمُتَشَابه مَوْجُود فِي اصطلاحهم (لَكِن مُقْتَضى كَلَام الْمُحَقِّقين تساويهما) أَي الْمُجْمل والمتشابه (لتعريفهم) أَي الشَّافِعِيَّة، أَو تحقيقهم (الْمُجْمل بِمَا لم تتضح دلَالَته) قيل من قَول أَو فعل، فَإِن الْفِعْل لَهُ دلَالَة عقلية، وَخرج المهمل لعدم الدّلَالَة، والمبين لاتضاحها فِيهِ (وَبِمَا لم يفهم مِنْهُ معنى أَنه مُرَاد) أَي لم يفهم مِنْهُ الْمَعْنى من حَيْثُ أَنه مُرَاد، وَإِلَّا فَالْأَصْل الْفَهم على سَبِيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute