للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه، والرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بذلك (فكيف يفهم الاختلاف) بأن يكون حكم سبعين عدم المغفرة، وحكم ما زاد عليها المغفرة (فلأزيدن تأليف) أي فقوله صلى الله عليه وسلم لأزيدن تأليف لقلب ابنه وأقاربه من المؤمنين، روي أن عبد الله بن عبد الله بن أبي، وكان من المخلصين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض أبيه أن يستغفر الله له ففعل، فنزلت، فقال صلى الله عليه وسلم "لأزيدن على السبعين" على أنه لم يكن عند ذلك ممنوعا عن الاستغفار لهم حتى يلزم مخالفة النهي. وقد يجاب عنه بأنه يجوز أن يكون من قبيل حل الكلام على غير المراد مع العلم به استعطافا وطلبا للرحمة والفضل كقول القبعثرى للحجاج وقد قال له متوعدا: لأحملنك على الأدهم، يعني القيد: مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب يحمل كلامه على الفرس الأدهم، فقال ثانيا: إنه حديد، فقال: لأن يكون حديدا خير من أن يكون بليدا: الأدهم الذي غلب سواده حتى ذهب البياض الذي فيه، والأشهب الذي غلب بياضه حتى ذهب ما فيه من السواد، ثم أجاب بطريق التنزل وفرض كونه من محل النزاع وأنه ليس للمبالغة فقال: (وعلم أن الاختلاف) أي اختلاف السبعين والزائد عليها في الحكم (جائز) خبر أن (إن ثبت) العلم المذكور (يجب كونه) أي ذلك الثبوت أو العلم حاصلا (من خصوص المادة) فقوله يجب إلخ جواب الشرطن وهو مع جزائه خبر المبتدأ: أعني علم وفي كلمة إن إشارة إلى أنه لم يثبت. يعني إن فرض علمه صلى الله عليه وسلم بأن حكم ما زاد على السبعين بخلاف السبعين، وهو الغفران، فذلك العلم ليس بسبب مفهوم العدد، بل يجب كونه من خصوص المادة (وهو) أي خصوص المادة (قبول دعائه) صلى الله عليه وسلم. ولا يخفى بعد هذا العلم بعد العلم بموت ابن أبي على الكفر (وقول يعلى بن أمية لعمر ما بالنا نقصر وقد أمنا) أي ومن الأدلة المزيفة احتجاجهم بأن يعلى وهو من البلغاء فهم مفهوم المخالفة من قوله تعالى -ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم- الآية، وأن القصر مقصور على الخوف، فقال وما بالنا إلى آخره ووافقه عمر في فهم ذلك، ولذا لم يرد عليه في فهمه ذلك (في الشرط) متعلق بيعلى، فإن هذا القول الدال على فهم المفهوم المخالف إنما وقع منه في مادة الشرط، وإذا ثبت فيه يثبت في الباقي قياسا عليه، فقال عمر ليعلى (عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم) فدل على أنه صلى الله عليه وسلم أقر عمر في فهمه مفهوم الشرط ولم ينكر عليه كما أنه أقر يعلى عليه غير أنه بين عدم إرادة المفهوم في خصوص المادة بقوله صدقة، يعني حكم الرخصة في السفر يعم الخوف والأمن

<<  <  ج: ص:  >  >>