كَانَ ثَابتا فأزيل لِأَنَّهُ لَا يُقَال أزلت هَذَا الشَّيْء إِلَّا وَقد كَانَ ذَلِك الشَّيْء ثَابتا وَإِزَالَة الحكم بعد ثُبُوته هُوَ بداء وَلَيْسَ هُوَ نسخا قيل قد يُقَال فِي الشَّيْء إِنَّه أزيل إِذا كَانَ ثَابتا فازيل وَقد يُقَال قد أزيل الشَّيْء بِكَذَا إِذا كَانَ فلولا ذَلِك المزيل لثبت ذَلِك الشَّيْء سِيمَا إِذا كَانَ ذَلِك الشَّيْء يتَوَهَّم ثُبُوته ويتوقع فانه لَا يمْتَنع اُحْدُ إِذا كَانَ يتَوَقَّع اسْتِمْرَار توجهه إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ نهي عَن ذَلِك أَن يَقُول قد أزيل عَنَّا التَّوَجُّه إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَإِنَّمَا يُرَاد إِزَالَة مَا يسْتَأْنف وَيصِح إِطْلَاق ذَلِك فِيهِ لما بَيناهُ وَقد دللنا فِي الْحَد على أَنا أردنَا هَذَا الْوَجْه بقولنَا مُفِيد لإِزَالَة مثل الحكم الثَّابِت بِنَصّ أَو فعل لِأَنَّهُ لَو كَانَ الحكم المزال قد كَانَ ثَبت ثمَّ أزيل لَكَانَ هُوَ حكم النَّص لَا مثله ودللنا على أَنه إِنَّمَا أزاله بِأَن دلّ على أَنه غير ثَابت وَبِأَنَّهُ منع من ثُبُوته بقولنَا على وَجه لولاه لَكَانَ ثَابتا فَبَان بذلك أَنه مُفِيد لإِزَالَة الحكم على هَذَا الْوَجْه وَلنَا أَن نعتاض من قَوْلنَا مُفِيد لإِزَالَة مثل الحكم بقولنَا يُفِيد أَن مثل الحكم الثَّابِت بِالنَّصِّ أَو بِالْفِعْلِ غير ثَابت على وَجه لولاه لَكَانَ ثَابتا وكل وَاحِد من هذَيْن الْكَلَامَيْنِ يتَرَجَّح على الآخر من وَجه أما قَوْلنَا يُفِيد أَن مثل الحكم الثَّابِت بِالنَّصِّ أَو بِالْفِعْلِ غير ثَابت فانه يتَرَجَّح على الْعبارَة الثَّانِيَة لِأَن فِيهَا تَصْرِيح بالإزالة وَهِي معنى النّسخ فِي الأَصْل وَالْحَد الْمُفِيد من جِهَة الصَّرِيح لِمَعْنى الْمَحْدُود وَفَائِدَته أولى
وَاعْلَم أَن الْغَرَض بِهَذَا الْحَد هُوَ حصر مَا وَقع الِاصْطِلَاح على تَسْمِيَته طَرِيقا نَاسِخا وَهُوَ بتفسير الِاسْم أشبه مِنْهُ بِالْحَدِّ فقولنا قَول أَو فعل منقولين عَن رَسُول الله قد حصرنا بِهِ مَا نقل عَنهُ من قَول أَو فعل وتناولهما قبل أَن ينقلا وَبَعْدَمَا نقلا فأشرنا بِهَذَا القَوْل إِلَى كل مَا وَقع الِاصْطِلَاح بعد وَفَاته على أَنه طَرِيق نَاسخ وَلَك أَن تعتاض من ذَلِك فَنَقُول قَول أَو فعل مَعْلُوم ورودهما من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مظنون وَلَيْسَ يلْزم على ذَلِك أَن يُقَال النّسخ يَقع بِالتّرْكِ ايضا وَذَلِكَ لِأَن الله أَو رَسُوله إِذا أوجبا صَلَاة متكررة فان نسخهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute