للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِن لم يكن لَهُم على عينهَا دَلِيل جَازَ اتِّفَاق اختيارهم الصَّوَاب دون الْخَطَأ وَإِن لم يكن لَهُم على عينه دَلِيل فَالْجَوَاب مَا تقدم

وَأما مَا استدلوا بِهِ على الثَّانِي فَمن وُجُوه

مِنْهَا قَوْلهم إِذا جَازَ أَن يُفَوض الله إِلَى الْمُكَلف أَن يخْتَار وَاحِدَة من الْكَفَّارَات جَازَ أَن يُفَوض إِلَيْهِ الحكم بِوَاحِد من الْأَحْكَام بِحَسب اخْتِيَاره وَالْجَوَاب إِن ذَلِك يلْزم من قَالَ إِن الْمصلحَة وَالْوَاجِب من الْكَفَّارَات وَاحِدَة فَقَط وَقد جعل إِلَى الْمُكَلف اخْتِيَارهَا لعلم الله سُبْحَانَهُ أَنه لَا يخْتَار سواهَا واما من قَالَ إِن الْكَفَّارَات الثَّلَاث تتساوى فِي الْوُجُوب والمصلحة فَلم يقل إِنَّه إِذا اخْتَار وَاحِدَة مِنْهَا فقد وَقع اخْتِيَاره على الْوَاجِب دون مَا لَيْسَ بِوَاجِب فَيلْزمهُ مثله فِي جَمِيع الْأَحْكَام على أَن الْعَاميّ يجوز لَهُ ان يخْتَار وَاحِدَة من الْكَفَّارَات فَيجب أَن يجوز أَن يُفَوض إِلَيْهِ الحكم بِمَا شَاءَ

وَمِنْهَا قَوْلهم إِذا جَازَ أَن يتعبد الْعَاميّ أَن يخْتَار الْعَمَل على فَتْوَى أحد الفقيهين وَيتَعَيَّن ذَلِك بِاخْتِيَارِهِ جَازَ مثله فِي أصل التَّعَبُّد فَالْجَوَاب يُقَال لَهُم فَيَنْبَغِي أَن يجوز تَفْوِيض الحكم بِالِاخْتِيَارِ إِلَى الْعَاميّ وَأَيْضًا فان وجوب أَخذ الْعَاميّ بفتوى الْفَقِيه مَعْلُوم لَهُ لِأَنَّهُ يعلم من دين الْإِسْلَام وجوب رُجُوع من لَا معرفَة لَهُ إِلَى الْعلمَاء فِيمَا ينويه من الشرعيات فاذا اخْتلف فِيهِ فقيهان وافتاه أَحدهمَا بِخِلَاف مَا أفتاه الآخر كَانَا واجبين عَلَيْهِ على التَّخْيِير وَالْقَوْل فِي ذَلِك كالقول فِي الْكَفَّارَات فَإِن حرم أَحدهمَا عَلَيْهِ الْفِعْل وأوجبه الآخر كَانَ مُخَيّرا بَين فعله وَتَركه إِن تَسَاويا عِنْده وَقد قُلْنَا إِن ذَلِك يرجح إِلَى الْإِبَاحَة وَإِسْقَاط التَّكْلِيف إِذْ لَو اخْتَار ترك الْفِعْل جَازَ لَهُ ذَلِك

وَمِنْهَا أَنه إِذا جَازَ أَن يُكَلف الْإِنْسَان الْعَمَل على الأمارات مَعَ أَنَّهَا قد تخطر جَازَ أَن يُكَلف الْإِنْسَان الْعَمَل على اخْتِيَاره وَإِن كَانَ الْإِنْسَان قد يخْتَار الصَّوَاب كَمَا يخْتَار الْفساد الْجَواب إِن الْمصلحَة أَن نعمل بِحَسب مَا ظنناه من الأمارة فالأمارة كالوجه فِي الْمصلحَة على مَا بَيناهُ إِلَّا أَنَّهَا مُمَيزَة للْمصْلحَة من

<<  <  ج: ص:  >  >>