بِدَلِيل عقل وَهَذِه الْجُمْلَة لَا بُد مِنْهَا وَلَا خلاف فِيهَا فان خَالف فِيهَا أحد فِيمَا ذَكرْنَاهُ يفْسد قَوْله وَالْكَلَام فِي الْوَجْه الثَّانِي هُوَ أَن وصف الْخَبَر الثَّانِي على قبح بيع الْبر مُتَفَاضلا بِأَنَّهُ أصل لقبح بيع الْأرز صَحِيح لِأَنَّهُ عَلَيْهِ يتَفَرَّع قبح بيع الارز مُتَفَاضلا من حَيْثُ كَانَ الْخَبَر دَالا على مَا إِذا نَظرنَا فِيهِ فَعلمنَا عِلّة الْقبْح أَو ظنناها أثبتنا الْقبْح فِي الارز وَأما وصف الْبر بِأَنَّهُ أصل ففائدته أَن الْعلم بِحكمِهِ بسبق الْعلم بِحكم الارز وَأَن حكم الارز يتَفَرَّع على حكم الْبر وَالْبر نَفسه أصل لحكمه لِأَن الشَّيْء اصل لصفته يبين أَن حكم الارز يتَفَرَّع على حكم الْبر هُوَ أَنا إِذا نَظرنَا فِي حكم الْبر وظننا علته أمكننا قِيَاس الارز عَلَيْهِ فَصَارَ حكم الارز متفرعا على حكم الْبر من هَذِه الْجِهَة وَلَيْسَ يلْزم على هَذَا أَن يُوصف الْبر قبل الشَّرْع بِأَنَّهُ اصل لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ اصلا إِذا ثَبت فِيهِ الحكم الَّذِي إِذا نَظرنَا فِيهِ وَفِي صِفَاته يوصلنا إِلَى حكم غَيره وَمَعْلُوم أَن الرِّبَا لم يكن ثَابتا فِي الْبر قبل الشَّرْع فَلم يكن إِذْ ذَاك اصلا وَإِذا كَانَ لوصف الْبر بِأَنَّهُ أصل وَجه صَحِيح لم نلم الْفُقَهَاء على الِاصْطِلَاح على وصف ذَلِك بِأَنَّهُ اصل فَأَما وصف حكم الْبر بِأَنَّهُ أصل لحكم الارز فَلهُ وَجه صَحِيح ايضا لِأَن حكم الارز يتَفَرَّع على حكم الْبر من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ
إِن قيل لَيْسَ يَخْلُو كَون الْبر حَرَامًا إِمَّا أَن يكون فعلنَا أَو اعتقادنا قبح بيع بعضه بِبَعْض مُتَفَاضلا وَإِن كَانَ هُوَ فعلنَا فَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يَصح الْقيَاس لَو لم يُوجد فعلنَا لبيعه مُتَفَاضلا وَإِن كَانَ هُوَ اعتقادنا كَون ذَلِك حَرَامًا فاعتقادنا لذَلِك لَيْسَ بِحرَام فيقاس عَلَيْهِ بيع الارز فَإِذن الأَصْل هُوَ الْخَبَر الْجَواب ان من جعل حكم الْبر هُوَ الأَصْل يَقُول إِن الحكم هُوَ قبح بَيْعه مُتَفَاضلا وَلَيْسَ هُوَ مُجَرّد الْفِعْل وَلَا اعتقادنا كَمَا أَنا نقيس الْكَذِب الَّذِي فِيهِ نفع على الْكَذِب العاري عَن نفع وَدفع ضَرَر وَلَا نقيسه على مُجَرّد كَونه فعلا وَلَا على علمنَا بقبحه لِأَن علمنَا لَيْسَ بقبح وَلَيْسَ قبحه مَعْلُوما بِدَلِيل فَيُقَال إِن الْقيَاس يَقع على دَلِيله وَلَيْسَ يقف صِحَة الْقيَاس على وجود بيع الْبر مُتَفَاضلا لانه لَو لم يُوجد ذَلِك أمكننا أَن نقُول لَو وجد لَكَانَ قبيحا لِأَنَّهُ