يمْتَنع أَن يكون إِنَّمَا وَجب على الْعَاميّ الرُّجُوع إِلَى الْفَتْوَى وَإِلَى من يخبر عَن أبي حنيفَة وَإِلَى رَسُول الْمُفْتِي لكَونه غير مُجْتَهد أَلا ترى أَنه يجب عَلَيْهِ الرُّجُوع إِلَى الْفَتْوَى وَلَا يجب ذَلِك على الْعَالم أَلا ترى أَنه لَا يمْتَنع أَن تكون مصلحَة الْعَاميّ الرُّجُوع إِلَى إِخْبَار الْمُجْتَهد عَن نَفسه وَإِلَى إِخْبَار من يخبر عَنهُ وَيكون رُجُوع الْمُجْتَهد إِلَى الْمخبر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لم يعلم صدقه مفْسدَة وَكثير من النَّاس يمْنَع من الْفَتْوَى على سَبِيل الْحِكَايَة عَن الْغَيْر فَلَا يلْزم قِيَاس الْمَسْأَلَة على هَذَا الأَصْل وَأما الْعَمَل على الشَّهَادَة فانهم إِن جَعَلُوهُ أصلا شَرْعِيًّا فَيجب أَن يعللوا ذَلِك بعلة شَرْعِيَّة مَعْلُومَة وَلم يَفْعَلُوا ذَلِك فَمن أَيْن أَن الْعلَّة مَا ذَكرُوهُ مَعَ أَنه لَيْسَ يمْتَنع أَن تكون مصلحتنا أَن لَا تثبت حكما شَرْعِيًّا فِي الْجُمْلَة بطرِيق غير مَعْلُوم وَيجوز أَن تكون مصلحتنا إِذا ثَبت الحكم فِي جملَة الشَّرِيعَة بطريقة مَعْلُومَة أَن تثبت ذَلِك الحكم فِي الْأَعْيَان بطرِيق مظنونة وَإِذا جَازَ ذَلِك فَمن أَيْن أَن الْعلَّة مَا ذَكرُوهُ أَلا ترى أَن شَهَادَة الْوَاحِد وَخبر الْوَاحِد وَإِن اشْتَركَا فِي الْعلَّة الَّتِي ذكروها فقد افْتَرقَا فِي وجوب الْقبُول فقد بَطل أَن تكون الْعلَّة ماذكروه
وَمِنْهَا لَا بُد للاحكام الشَّرْعِيَّة من طَرِيق وَقد يحدث من الْمسَائِل مَا لَيْسَ فِي الْكتاب وَالسّنة المتواترة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس دَلِيل عَلَيْهِ فَلم يبْق إِلَّا خبر الْوَاحِد الْجَواب انه إِن لم يُوجد فِي شَيْء مِمَّا ذَكرُوهُ حكم الْحَادِثَة كَانَ للمخالف أَن يُوجب الْبَقَاء على حكم الْعقل فَلَا تكون الضَّرُورَة دَاعِيَة إِلَى أَخْبَار الْآحَاد
وَاحْتج الْمُخَالف بأَشْيَاء
مِنْهَا أَن الْعقل يمْنَع من قبُول خبر الْوَاحِد من حَيْثُ لم يُؤمن كَونه كَاذِبًا فنكون عاملين بالمفسدة وَالْجَوَاب أَنه لَا يمْتَنع أَن تكون الْمصلحَة الْعَمَل بِمَا ظننا صدقه من الْأَخْبَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اخْتصَّ بشرائط صدق الرَّاوِي أم كذب على مَا بَيناهُ من قبل وَبينا أَن الْعقل يجوز وَيُوجب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute