للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يجب الْقبُول الْجَواب إِنَّه لَيْسَ فِي الاية أَنه يجب سُؤَالهمْ ليعلم مَا أخبروا بِهِ ليعْمَل مَا أخبروا بِهِ وَإِذا لم يمْتَنع أَن يكون اراد سُؤَالهمْ ليعلم السَّائِل لم يكن المُرَاد إِلَّا سُؤال من يتواتر الْخَبَر بنقله وَقَوله عز وَجل {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} يدل على أَنه عز وَجل أَرَادَ سُؤَالهمْ ليعلم مَا يخبرون بِهِ من أَنه أرسل الله عز وَجل إِلَّا رجَالًا يوحي إِلَيْهِم وَهَذَا علم دون عمل

وَمِنْهَا قَوْله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لله} فَأوجب الشَّهَادَة لله وَالْقِيَام بِالْقِسْطِ وَلَا يُوجب ذَلِك إِلَّا وَقد ألزم قبُول شَهَادَتهم وَمن أخبر بِمَا سَمعه من النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فقد قَامَ بِالْقِسْطِ وَشهد لله وَالْجَوَاب إِنَّمَا يكون شَاهدا لله تَعَالَى وَقَائِمًا بِالْقِسْطِ إِذا شهد بِمَا يلْزم قبُوله دون مَا لَا يحل قبُوله كَالشَّهَادَةِ بِأُمُور الدُّنْيَا وَيحْتَمل أَن يكون سُبْحَانَهُ أوجب الشَّهَادَة بِمَا سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليرويه غَيره فيتواتر نَقله فان قيل الاية لَا تفرق بَين أَن يكون الْخَبَر قد سمعته جمَاعَة من النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَبَين أَن يكون قد سَمعه وَاحِد فِي وجوب الشَّهَادَة بِهِ قيل إِن من يُنكر الْعَمَل بأخبار الْآحَاد يمْتَنع من أَن يخص النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِالْعبَادَة من لَا يتواتر الْخَبَر بنقله إِلَّا أَن يكون التَّعَبُّد يَخُصُّهُ وَحده

وَمِنْهَا قَوْله عز وَجل {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} وَقَوله {لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} وَظَاهره يَقْتَضِي بَيَان جَمِيع مَا أنزل إِلَيْهِ لجَمِيع من عاصره وَلمن يَأْتِي بعده فَلَو وَجب عَلَيْهِ أَن يبين كل ذَلِك لمن يتواتر الْخَبَر بنقله لكَانَتْ الْأَخْبَار كلهَا منقولة عَنهُ بالتواتر إِلَّا أَن يُقَال إِن بعض السامعين للْخَبَر نَقله دون بعض وَذَلِكَ يُوجب تُهْمَة السّلف وَجَوَاز

<<  <  ج: ص:  >  >>