صدق من أخبرنَا بمضرة إِن لم نفصد أَو لم نشرب الدَّوَاء أَو إِن سلكنا فِي سفرنا طَرِيقا مَخْصُوصًا أَو لم نقم من تَحت الْحَائِط فقد ظننا تَفْصِيلًا لما علمناه فِي الْجُمْلَة من وجوب التَّحَرُّز من المضار وَقد علمنَا فِي الْجُمْلَة وجوب الانقياد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يخبرنا بِهِ من مصالحنا وَوُجُوب التَّحَرُّز من الْمضرَّة فِي تجنب الْمصَالح فاذا ظننا بِخَبَر الْوَاحِد أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قد دَعَانَا إِلَى الانقياد لَهُ فِي فعل أخبر أَنه مصلحَة وخلافه مفْسدَة مضرَّة فقد ظننا تَفْصِيلًا لما علمناه فِي الْجُمْلَة وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْعلَّة مَا ذَكرْنَاهُ لِأَن الحكم يحصل عِنْده وينتفي عِنْد انتفائه لأَنا إِذا علمناه فِي الْجُمْلَة وجوب التَّحَرُّز من الْمضرَّة وظننا بالْخبر أَن علينا فِي الْفِعْل مضرَّة وَلم يُمكن الْعلم وَجب علينا تجنبه وَإِن ازلنا عَن أَنْفُسنَا اعْتِقَاد مَا عدا ذَلِك وَإِذا رَجعْنَا إِلَى عقولنا وجدناها تتبع تجنب هَذَا الْفِعْل لهَذِهِ الْجُمْلَة الَّتِي ذَكرنَاهَا وَلَو لم يحصل لنا الْعلم بِوُجُوب دفع المضار فِي الْجُمْلَة أَو حصل ذَلِك وَلم نظن أَن علينا فِي الْفِعْل مضرَّة لم يجب علينا تجنبه وَكَذَلِكَ لَو ظننا ذَلِك وأمكننا تَحْصِيل الْعلم فَعلمنَا أَن الْعلَّة مَا ذَكرْنَاهُ
إِن قيل بل الْعلَّة فِي الأَصْل ظننا الْمضرَّة فِي امور الدُّنْيَا وَلَيْسَ كَذَلِك خبر الْوَاحِد فِي الشرعيات قيل إِن مَا ذكرتموه وَإِن كَانَ من أُمُور الدُّنْيَا فَهُوَ من امور الدّين لِأَن التَّحَرُّز من المضار وَاجِب فِي الْعقل وَمَا وَجب فِي الْعقل فَهُوَ من الدّين فان قَالُوا إِن خبر الْوَاحِد فِي أُمُور الدُّنْيَا وَارِد فِيمَا نعلم جملَته عقلا وَلَيْسَ كَذَلِك خبر الْوَاحِد فِي الشرعيات قيل لَا فرق بَينهمَا لِأَن خبر الْوَاحِد فِي الشرعيات وَارِد بتفصيل الانقياد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والتزام أمره والتحرز من مضار الْمُخَالفَة وَهَذَا مَعْلُوم بِالْعقلِ وَالشَّرْع كَمَا يعلم التَّحَرُّز من مضار الدُّنْيَا بِالْعقلِ وَالشَّرْع وَأَيْضًا فَلَو ثَبت أَن وجوب التَّحَرُّز من مضار الدُّنْيَا مَعْلُوم بِالْعقلِ فَقَط والتحرز من مضار الشرعيات مَعْلُوم بِالشَّرْعِ فَقَط لَكَانَ ذَلِك اخْتِلَافا فِي طَرِيق الْعلم بِالْوُجُوب وَذَلِكَ غير مُؤثر فِيمَا يقبل من أَخْبَار الْآحَاد وَإِنَّمَا الَّذِي يجوز أَن يُؤثر فِي ذَلِك هُوَ أَن يُقَال إِن الشرعيات مصَالح والمخبر الْوَاحِد يجوز أَن يكون كذابا فَلَا نَأْمَن أَن يكون مَا نَقله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute