أَيْضا وَمثل ذَلِك بِأَن نخبر بِمَوْت زيد ونسمع فِي دَاره الواعية ونرى الْجِنَازَة على بَابه مَعَ علمنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي دَاره مَرِيض سواهُ وَحكي عَن قوم أَن يَقْتَضِي الْعلم الظَّاهِر وعنوا بذلك الظَّن
وَاحْتج الْأَولونَ بأَشْيَاء
مِنْهَا أَن خبر الْوَاحِد لَو اقْتضى الْعلم لاقتضاه كل خبر وَاحِد كَمَا أَن الْخَبَر الْمُتَوَاتر لما اقْتَضَاهُ اقْتَضَاهُ كل خبر متواتر وَهَذَا اقْتِصَار على الدَّعْوَى فان قَالُوا إِنَّمَا اقْتضى كل خبر متواتر الْعلم لِأَنَّهُ من قبيل مَا يَقع الْعلم عِنْده وَهَذَا قَائِم فِي خبر الْوَاحِد لَو كَانَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْعلم قيل لم زعمتم أَن هَذِه هِيَ الْعلَّة وَمَا انكرتم أَن الْعلم الْوَاقِع بالتواتر إِن كَانَ ضَرُورِيًّا فَهُوَ من فعل الله سُبْحَانَهُ فَمَا يؤمنكم أَن يخْتَار فعله عِنْد كل خبر متواتر لاقْتِضَاء الْمصلحَة لذَلِك وَلم يقتض الْمصلحَة فعله عِنْد كل خبر وَاحِد فَلم يَفْعَله عِنْد كل أَخْبَار الْآحَاد وَإِن كَانَ الْعلم بالتواتر مكتسبا فَمَا يؤمنكم أَن تكون شُرُوط الِاسْتِدْلَال بِهِ تتساوى فِيهَا الْأَخْبَار المتواترة وَلَا يسمع فِيهِ أَخْبَار الْآحَاد
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْعلم لَا يَقع لشَيْء من الْأَخْبَار الَّتِي يَرْوِيهَا أَرْبَعَة فَقَط فَلم يَقع لشَيْء من الْأَخْبَار الَّتِي يَرْوِيهَا وَاحِد لِأَن الْأَرْبَعَة وَاحِد وَزِيَادَة وَهَذَا لَا يَصح لأَنا قد بَينا انه لَا طَرِيق لَهُم إِلَى الْعلم بِأَن الْعلم لَا يَقع لشَيْء من الْأَخْبَار الَّتِي يَرْوِيهَا أَرْبَعَة
وَمِنْهَا إبطالهم مَذْهَب النظام لِأَنَّهُ لَو وقف حُصُول الْعلم بالمخبر عَنهُ على قَرَائِن لم يمْتَنع أَن يخبر المتواترون رجلا عَاقِلا بِمَكَّة وَلَا يقْتَرن بخبرهم هَذِه الْقَرَائِن فَلَا نعرفها وَهَذَا إِنَّمَا يُفِيد مَذْهَب أبي إِسْحَاق فِي اشْتِرَاط الْقَرَائِن فِي وُقُوع الْعلم بالأخبار المتواترة وَلَعَلَّ أَبَا إِسْحَاق عَنى بالقرائن بالأخبار المتواترة مَا لَا يَنْفَكّ مِنْهَا الْأَخْبَار المتواترة نَحْو امْتنَاع اتِّفَاق الْكَذِب مِنْهُم وَأَن لَا يَصح فيهم التواطؤ فَلَا يلْزمه أَن لَا يعلم بعض الْعُقَلَاء أَن فِي الدُّنْيَا مَكَّة
وَمِنْهَا أَنه لَيْسَ يَخْلُو الْعلم الْوَاقِع عِنْد الْخَبَر إِمَّا أَن يكون سَببه الْقَرِينَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute