للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجمعت الْأمة على نسخ الْآيَة لم يضف النّسخ إِلَيْهَا وَلَكِن إِلَى مَا دلها إِلَى النّسخ وَإِن لم يظْهر لنا وَالْجَوَاب أَن فِي ذَلِك تَسْلِيم لما نريده من الْمَعْنى وَهُوَ نسخ آيَة بِسنة من غير أَن يظْهر لنا الْوَحْي وَإِنَّمَا نازعتم فِي وصف السّنة بِأَنَّهَا ناسخة وَلَيْسَ يمْتَنع أَن يُفَارق السّنة الْإِجْمَاع لِأَن الْأمة إِذا أَجمعت على حكم لم نقل إِنَّه شرعها وَلذَلِك لَا يُقَال إِنَّهَا نسخت الْكتاب بقولِهَا وَالشَّرْع يُضَاف إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاز أَن يُضَاف النّسخ إِلَيْهِ

وَاحْتج الْمُخَالف بأَشْيَاء

مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} فوصفه بِأَنَّهُ يبين وَنسخ الْعِبَادَة هُوَ رَفعهَا ورفعها ضد بَيَانهَا وَالْجَوَاب أَن نسخهَا هُوَ بَيَان ارتفاعها وَذَلِكَ بَيَان للمراد بِالْخِطَابِ كالتخصيص هُوَ بَيَان للْعُمُوم وَإِن أخرج بعض مَا تنَاوله وَلَو لم يكن النّسخ بَيَانا لم يكن فِي وصف الله عز وَجل نبيه بِأَنَّهُ مُبين مَا يمْنَع من كَونه على صفة أُخْرَى غير الْبَيَان وَهُوَ كَونه نَاسِخا وَالشَّيْخ أَبُو هَاشم رَحمَه الله يحمل قَوْله تَعَالَى {لتبين للنَّاس} لتظهر لَهُم ذَلِك وتؤديه وَإِذا حملهَا على ذَلِك استوعب جَمِيع مَا أنزل إِلَيْنَا وَإِذا حمل على بَيَان الْمُجْمل لم يستوعبه فَكَانَ هَذَا التَّأْوِيل أولى لمطابقته الْعُمُوم

وَمِنْهَا قَوْله عز وَجل {وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة} قَالُوا فَأخْبر أَنه إِنَّمَا يُبدل الْآيَة بِالْآيَةِ وَالْجَوَاب أَنه أخبر بِأَنَّهُ إِذا بدل آيَة مَكَان آيَة قَالَ قَائِلُونَ كَيْت وَكَيْت وَلَيْسَ فِي ذَلِك دَلِيل على أَنه لَا يُبدل الْآيَة إِلَّا بِآيَة كَمَا أَنَّك إِذا قلت إِذا قصدت زيدا رَاكِبًا تكلم فِينَا الْأَعْدَاء لَا يدل على أَنَّك لَا تقصده إِلَّا رَاكِبًا على أَن ظَاهر قَوْله عز وَجل {وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة} يتَنَاوَل تَبْدِيل نَص الْآيَة لَا حكمهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>