وَاحْتج الشَّيْخَانِ أَبُو عَليّ وَأَبُو هَاشم رحمهمَا الله للْمَنْع من نسخ الْخَبَر بِأَن الْقَائِل لَو قَالَ أهلك الله عادا ثمَّ قَالَ مَا أهلكهم كَانَ كذبا وَالْجَوَاب إِن إملاكهم غير متكرر لأَنهم لَا يهْلكُونَ مرّة بعد مرّة بل إِنَّمَا يهْلك كل وَاحِد مِنْهُم مرّة فاذا قَالَ مَا أهلكهم رفع تِلْكَ الْمرة وَهَذَا كذب وَإِن أَرَادَ بقوله مَا أهلكهم مَا أهلك بَعضهم كَانَ تَخْصِيصًا وَلَيْسَ بنسخ وَذَلِكَ يجوز مَعَ اقتران الْبَيَان وَلَيْسَ كَذَلِك الْخَبَر عَن تكْرَار الْفِعْل وتواليه فِي الْأَزْمَان لِأَن قيام الدّلَالَة على أَنه مَا أُرِيد تكرارها فِي بعض الزَّمَان وَهُوَ النّسخ الَّذِي أجزناه فِي الْأَمر وَالنَّهْي فَهَذَا هُوَ الْكَلَام فِي نسخ فَوَائِد الْأَخْبَار
فَأَما مَا يتبع فوائدها فَهُوَ الِاسْتِدْلَال بالْخبر عَن فوائدها وَنسخ ذَلِك جَائِز سَوَاء بقيت الْفَوَائِد أَو نسخت أما إِذا نسخت فَلَا شُبْهَة فِي ارْتِفَاع الِاسْتِدْلَال لِأَنَّهُ لَا يجوز الِاسْتِدْلَال على إِثْبَات مَا لَيْسَ بِثَابِت وَأما إِذا لم تنسخ فوائدها فانه يجوز أَن يكون الِاسْتِدْلَال بالْخبر مفْسدَة كالاستدلال بأخبار التَّوْرَاة على أَحْكَام هِيَ الأن ثَابِتَة
وَأما نسخ الْأَخْبَار أَنْفسهَا فضربان أَحدهمَا أَن تنسخ عَنَّا تِلَاوَة الْخَبَر وَالْآخر أَن ينْسَخ عَنَّا الِابْتِدَاء بالْخبر أما نسخ تِلَاوَة الْخَبَر فَجَائِز كنسخ تِلَاوَة أَخْبَار التَّوْرَاة وَغَيرهَا وَأما نسخ الِابْتِدَاء بالْخبر فنحو أَن يَأْمر الله سُبْحَانَهُ أَن نخبر عَن شَيْء فَيجوز أَن ينْسَخ عَنَّا وجوب الْإِخْبَار عَنهُ وَكَونه ندبا ويدلنا على قبحه سَوَاء كَانَ فَائِدَة الْخَبَر مِمَّا يجوز أَن تَتَغَيَّر وَمِمَّا لَا يجوز أَن تَتَغَيَّر كالأخبار عَن صِفَات الله سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع أَن يكون فِي الْإِخْبَار عَن ذَلِك مفْسدَة كَمَا كَانَ فِي تِلَاوَة الْجنب وَالْحَائِض لِلْقُرْآنِ مفْسدَة وَلَا يجوز أَن نؤمر بنقيض مَا كُنَّا نخبر بِهِ إِن كَانَ ذَلِك مِمَّا لَا يجوز تغيره نَحْو الْأَمر بالإخبار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute