أَيْضا فِي حَال وُرُود الْعُمُوم وَالْخُصُوص وَالْخطاب الْمُجْمل إِلَى تعرف صفة الْمُجْمل وَمن لم يدْخل تَحت الْعُمُوم وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك عِنْد الْفِعْل فان قَالَ يحْتَاج فِي تِلْكَ الْحَال إِلَى بَيَان صفة الْعِبَادَة وَتَخْصِيص الْعَام ليعلم أَن من دخل تَحت الْعَام مِمَّن لم يدْخل تَحْتَهُ ليعلم صفة مَا كلف فَعدم بَيَان ذَلِك مخل بِعِلْمِهِ قيل وَكَذَلِكَ تَأْخِير بَيَان النّسخ يخل بِعِلْمِهِ أَن الْعِبَادَة دائمة
وَأجَاب بِأَن الْعِبَادَة تَنْقَطِع بِالْعَجزِ وَلَا يعلم مَتى يطْرَأ وَلم يكن فِي ذَلِك إلباس فَكَذَلِك فِي النّسخ فان قَالَ قَائِل إِن الْأَمر بِالْفِعْلِ هُوَ كَونه مَشْرُوطًا بالتمكن قيل وَالْأَمر بِالْعبَادَة مَشْرُوط بِكَوْنِهَا مصلحَة فان قَالَ إِنَّمَا نعلم كَونهَا مصلحَة بِالْأَمر فاذا كَانَ الْأَمر مُؤَبَّدًا كَانَت الْمصلحَة مُؤَبّدَة قيل إِنَّمَا علمنَا كَون الْفِعْل مصلحَة من حَيْثُ علمنَا أَن الْحَكِيم لَا يَأْمر بِمَا لَيْسَ بمصلحة وكما علمنَا ذَلِك فقد علمنَا أَنه لَا يَأْمر عَمَّا لَا يقدر عَلَيْهِ فان دلّ الْأَمر المؤبد على دوَام الْمصلحَة ليدلن أَيْضا على دوَام التَّمْكِين وَلقَائِل أَن يَقُول إِن الله عز وَجل إِذا أمرنَا بِفعل فقد أشعرنا فِيهِ بِجَوَاز انْقِطَاع التَّعَبُّد بِهِ بِالْمَوْتِ لأَنا قد علمنَا انْقِطَاع التَّكْلِيف فِيهِ بِالْمَوْتِ وَالْعجز وجوزنا من جِهَة الْعَادة وجود الْعَجز وَلَو علمنَا بِالْأَمر ارْتِفَاع الْمَوْت عَنَّا كُنَّا مغرين بِالْمَعَاصِي فاذا جَوَّزنَا ذَلِك فقد حصل الْإِشْعَار بارتفاع الْعِبَادَة فِي كل وَقت وَلَو لزم على ذَلِك جَوَاز تَأْخِير بَيَان النّسخ للَزِمَ جَوَاز تَأْخِير بَيَان الْعُمُوم لِأَن الله سُبْحَانَهُ لَو أَمر جمَاعَة بِصَلَاة الظّهْر جَازَ أَن يعجز بَعضهم قبل الظّهْر فَيعلم بذلك أَنه سُبْحَانَهُ مَا عناه بِالْخِطَابِ وَأَنه عَنى بعض من تنَاوله الْخطاب وَلم يدلنا على ذَلِك عِنْد الْخطاب وَلم يلْزم من ذَلِك أَن يُخَاطب بِالْعَام وَالْفِعْل مصلحَة لبَعض من تنَاوله الْخطاب دون بعض وَلَا يتَبَيَّن ذَلِك عِنْد الْخطاب
وَأجَاب أَيْضا بِأَن بَيَان تَأْخِير بَيَان النّسخ هُوَ تَأْخِير بَيَان مَا لم يرد بِالْخِطَابِ مِمَّا لَا يُؤثر فِي تمكن الْمُكَلف من الْأَدَاء وَلَيْسَ كَذَلِك تَأْخِير بَيَان صفة الْعِبَادَة وَقد تقدم الْقَوْم منا فِي ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute